صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، قدم نموذجاً جديداً في المنطقة اسمه «نموذج دبي»، ومن خلاله أثبت للجميع أن النفط ليس المصدر الوحيد للدخل في منطقة الخليج العربي، وهذا واقع أكده ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في كلمته التي قالها، الأسبوع الماضي، بالرياض.
لكن هذا ليس كل شيء، فإلى جانب ذلك، قدم محمد بن راشد نماذج أخرى في الإنسانية ومكافحة الفقر والجهل ونشر العلم والمعرفة، بشكل يجعلنا نؤكد أنه شخصية قيادية عالمية استثنائية، لا يشبهه أحد، ولا يجاريه في نشر الخير والحب والتسامح أحد من زعماء أميركا أو أوروبا، أو غيرهما.
هو لا يفعل ذلك من أجل شهرة، فهي لا تنقصه، ولا يفعل ذلك من أجل جوائز أو تكريم، فهو الذي يمنح الجوائز، وهو الذي يسعد ويفرح الناس إذا كُرّموا منه، هو يفعل الخير لأن هذه قناعاته، وهذا طبعه، وهذا ما تربى عليه، فسعادته كما يقول، حفظه الله، هي «عندما يرى البسمة والسعادة على وجه محتاج».
لكن مع ذلك، ألا يحق لنا نحن أن نتساءل: أين هم مُحكّمو ومانحو جائزة نوبل للسلام من أفعال ومبادرات محمد بن راشد؟ جميعنا يعلم أن الجائزة لا تمنح عادة لمن يستحقها، بل هي جائزة «مُسيّسة»، وغالباً تكون معاييرها «غامضة»، وهذا ما أكده أمين عام لجنة نوبل للسلام، لوندستاد، منذ عام 1990، وحتى تخليه عن منصبه عام 2014، حيث قال: هناك مجموعة من جوائز نوبل «مشكوك في صحتها»، ويعد هذا التصريح مخالفاً لتقاليد اللجنة التي اعتادت التزام السرية التامة في مداولاتها على مدار 50 عاماً، لكنه بالتأكيد لم يقل ذلك من فراغ!
كما لن ينسى العالم جائزة نوبل للسلام لعام 2009، التي منحت للرئيس الأميركي، باراك أوباما، بعد مرور تسعة أشهر على توليه منصبه، وذلك مقابل لا شيء، فهو لم يكن بدأ عمله الفعلي، ولم يحقق أوباما أي نتائج أو إنجازات، للدرجة التي شعر فيها بالحرج، ولم يخفِ استغرابه حصوله على هذه الجائزة، بل إن الأمين العام السابق للجنة العالمية لجائزة نوبل عبّر عن أسفه لمنح أوباما جائزة السلام، بعد انقضاء خمس سنوات على منحه الجائزة، وذلك لأنه لم يثمر تحقيق النتائج التي كانت ترجوها اللجنة منه، ما خيب الآمال!
إلى هذه اللجنة وجميع أعضائها، بل نقول للعالم كله: هل سمعتم عن «مبادرات محمد بن راشد العالمية»؟! هل تعلمون أنه يعمل بصمت في مجال مكافحة المرض، وعمل على نشر الوقاية والعلاج من العمى بواقع 23 مليون مستفيد، و81 مليون لقاح ودواء خلال السنوات الثماني الماضية؟ هل تعلمون أنه ركز على وقاية 3.6 ملايين طفل في الدول الأقل حظاً من مرض الديدان المعوية، الذي يهدد مستقبل الأطفال ويحرمهم فرصة الدراسة والحياة السليمة؟ جهود محمد بن راشد في هذا المجال شملت بناء 46 مستشفى، وتوفير مياه الشرب لـ6.5 ملايين شخص.
أما في مجال مكافحة الفقر، فقد تمكنت مؤسسة محمد بن راشد بجهاتها، من دعم وإغاثة أكثر من 1.5 مليون أسرة في 40 دولة، وأسست البنية التحتية واللوجستية الأكبر في العالم بمساحة 700 ألف قدم مربعة، لتوفير التسهيلات والخدمات لجميع المؤسسات الخيرية والإنسانية الراغبة في تقديم المساعدات والدعم!
للجنة نوبل نقول: هل هناك عمل أفضل من نشر العلم والمعرفة ومحاربة الجهل؟ هذا ما يفعله محمد بن راشد حيث تقوم مؤسسته من خلال مبادراتها، والجهات التابعة لها، بتوفير الموارد لخلق أساليب مبتكرة وفعالة لتوفير التعليم للأطفال حول العالم، وقد بلغ عدد المستفيدين في هذا القطاع أكثر من 15 مليون شخص في 58 دولة.
لقد قامت الجهات العاملة في هذا القطاع ببناء 2126 مدرسة حول العالم، وتدريب 400 ألف معلم ومعلمة، وتوزيع وطباعة ما يزيد على 3.2 ملايين كتاب، وترجمة 1000 عنوان معرفي، وتشجيع ملايين الطلاب في العالم العربي على قراءة 50 مليون كتاب كل عام.
الأكثر من ذلك أن «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» تستهدف أكثر من 130 مليون إنسان خلال السنوات المقبلة، فهل هناك زعيم أوروبي أو أميركي يستهدف الخير لهذا العدد من البشر؟ وهل هناك قائد تجاوز حدود دولته لينفق الأموال دعماً للفقراء والأطفال، وحباً في نشر العلم والمعرفة بهذه الطريقة؟ هذه نماذج ليست كاملة من أفعال محمد بن راشد العالمية، ورصيده، الذي سيسجله التاريخ بأحرف من نور، أكبر من ذلك بكثير، فهل فعل الفائزون بجوائز نوبل للسلام، مجتمعين، رُبع ما يفعله محمد بن راشد؟!
جريدة الامارات اليوم