القول القائل «إن غداً لناظره قريب» جزء من شعر طالما جرى تداوله والاستشهاد به بين الأوساط السياسية والتعليمية والثقافية. والمعنى واضح إذا تذكر الإنسان أن الناظر هو المنتظر والمتطلع للمستقبل. ولهذا القول حكاية طويلة في بطون الأدب العربي، خلاصتها أن الملك النعمان بن المنذر خرج يوماً للصيد وابتعد عن حاشيته وأصحابه حتى أدركه الليل بحيث اضطر للالتجاء إلى بيت أحد الأعراب من بني طي المشهورين بالكرم. فاستضافه هذا دون أن يعرف هويته. وذبح له شاته الوحيدة وطبخها وأطعمه منها، ثم فرش له فنام. وعندما أدركهما الصباح نهض النعمان ليلتحق بحاشيته. وعندها كشف للأعرابي عن نفسه وهويته. قال له: يا أخا طي اطلب ثوابك فأنا الملك النعمان. فأبى الأعرابي أن يأخذ شيئا مقابل ضيافته.
مرت الأيام وأصيب الطائي بضيق شديد فأشارت عليه زوجته بالاستنجاد بالنعمان. فقصده ولكن ولسوء حظه أنه وصل إليه في يوم من أيام بؤسه. وكان للملك النعمان يوم بؤس ويوم نعيم. فقال له: أفلا جئت في غير هذا اليوم؟ والله لو سنح لي في هذا اليوم ابني لم أجد بدا من قتله. فاطلب حاجتك من الدنيا فإنك مقتول. فقال: وما أصنع بالدنيا بعد نفسي؟ أمهلني حتى ألم بأهلي وأهيئ لهم حالهم ثم أعود إليك. طلب النعمان كفيلاً له. فلم يجد من يكفله غير قراد بن أجدع. كفله هذا بنفسه لمدة سنة. ومر الحول وبقي من الأجل يوم واحد. فقال النعمان لقراد: ما أراك إلا هالكاً، فقال قراد:
فإن بك صدر هذا اليوم ولى
فإن غداً لناظره قريب
مرت الأيام وأصيب الطائي بضيق شديد فأشارت عليه زوجته بالاستنجاد بالنعمان. فقصده ولكن ولسوء حظه أنه وصل إليه في يوم من أيام بؤسه. وكان للملك النعمان يوم بؤس ويوم نعيم. فقال له: أفلا جئت في غير هذا اليوم؟ والله لو سنح لي في هذا اليوم ابني لم أجد بدا من قتله. فاطلب حاجتك من الدنيا فإنك مقتول. فقال: وما أصنع بالدنيا بعد نفسي؟ أمهلني حتى ألم بأهلي وأهيئ لهم حالهم ثم أعود إليك. طلب النعمان كفيلاً له. فلم يجد من يكفله غير قراد بن أجدع. كفله هذا بنفسه لمدة سنة. ومر الحول وبقي من الأجل يوم واحد. فقال النعمان لقراد: ما أراك إلا هالكاً، فقال قراد:
فإن بك صدر هذا اليوم ولى
فإن غداً لناظره قريب
جاء يوم الغد وانحدرت الشمس للمغيب. وكان النعمان يشتهي قتل قراد ليفلت الطائي من القتل. فأمر السياف بالتأهب لقطع رأسه. وفيما كانا على ذلك الأمر دخلت امرأة قراد وأنشدت الحاضرين:
أي عين بكى لي قراد بن أجدعا
رهيناً لقتل لا رهيناً مودعا
أتته المنايا بغتة دون قومه
فأمسى أسيراً حاضر البيت أضرعا
وما انتهت من قولها هذا حتى بدت عجاجة رجل مسرع إليهم. هو الرجل الطائي فلما نظر إليه النعمان قال: ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك؟ فأجاب قائلاً: «الوفاء». قال: «وما حملك على الوفاء»؟ قال: ديني. وكانت ديانته المسيحية في أيام الوثنية الجاهلية. تروي المصادر العربية فتقول إن ذلك ما حمل الملك النعمان، وكان وثنياً، إلى اعتناق المسيحية هو وقومه في جنوب العراق قبل ظهور الإسلام.