احتفلت دولة الكويت الشقيقة في الأيام الماضية بعيدين وطنيين مهمين في تاريخها، هما عيد الاستقلال وعيد التحرير، وكل حدث من الحدثين يشكل مفصلاً مهماً في تاريخ الكويت وشعبها، وفي تاريخ المنطقة الخليجية عامة؛ لذا يعيش الكويتيون في فبراير/ شباط من كل عام أجواء بهيجة، يشاركهم فيها أشقاؤهم في بلدان الخليج الأخرى، لما للكويت من مكانة كبيرة في نفوسهم.
كانت الكويت هي أول دولة في المنطقة نالت استقلالها وتحررت مما عرف يومها ب «الحماية» البريطانية التي هي صورة من صور الاستعمار، الذي كانت شعوب المنطقة تتطلع للخلاص منه، وإقامة دول مستقلة ذات سيادة، وهو ما تحقق في وقت لاحق، وإذا كان استقلال أغلبية دول الخليج الأخرى تأخر حتى بداية السبعينات من القرن الماضي، فإن الكويت نالت استقلالها قبل ذلك بعقد من الزمان، وبالضبط في العام 1961.
جعلت الكويت وشعبها من الاستقلال نقلةً نوعية في تاريخها؛ حيث وضعت دستوراً عقدياً متطوراً ما زال معمولاً به حتى اللحظة، حيث يعتبره الكويتيون منجزاً وطنياً لا يجوز التفريط فيه، وبناء عليه نشأت الحياة البرلمانية في الكويت، التي تعد من أنضج التجارب البرلمانية في العالم العربي وأكثرها رسوخاً، وعرف مجلس الأمة الكويتية نواباً هم بمثابة رموز وعلامات وطنية في تاريخ البلاد مثل د. أحمد الخطيب، والمرحومين جاسم القطامي وسامي المنيس، وعبدالله النيباري أطال الله في عمره، وغيرهم.
وغدت الكويت بفضل قوة المداميك التي أرساها مؤسس الدولة الوطنية وأب الدستور المرحوم عبدالله السالم، منارة من منارات التنوير والثقافة والفكر الحر على المستوى العربي، فمنها صدرت الدوريات الثقافية والفكرية وسلاسل الكتب، وفي صحافتها عمل كتاب وفنانون مرموقون، حسبنا هنا أن نذكر منهما الشهيدين غسان كنفاني وناجي العلي.
واجهت الكويت في العام 1990 محنة كبيرة، حين أصبحت ضحية مغامرة صدّام حسين المجنونة، حين اجتاحت قواته أراضيها، وهدّدت استقلالها الوطني، وكان يمكن لهذه المحنة أن تستمر طويلاً لولا تضافر الإرادة العربية والدولية يومها على نصرة الكويت، حيث أمكن إنهاء الاحتلال بعد نحو سبعة شهور، سقط خلالها شهداء ووقع أسرى لم يعرف مصير الكثيرين منهم حتى اللحظة، لكن الكويت سرعان ما عادت إلى موقعها كدولة مؤثرة في الأسرة العربية والدولية.
نحن أبناء بلدان الخليج العربي الأخرى الذين تعلّم الكثير منا في مدارس وتلقى العلاج في مستوصفات، بنتها الكويت في بلداننا، نشاطر أشقاءنا هناك فرحتهم من كل قلوبنا.
جريدة الخليج