إن من أهم ما يميز رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة هو إيمانها العميق بتطوير الإنسان الذي يعد محور التنمية في كل المجالات. وتسعى الدولة من خلال بناء وتنمية رأس المال البشري نحو التميز واحتلال المراتب الأولى في كل مجالات التنمية على المستوى العالمي، بحيث تكون نموذجاً بارزاً للنجاح والتميز.
ونظراً لأن تنمية رأس المال البشري تعد أحد أهم أولويات الدولة، فقد أولت القيادة السياسية للدولة اهتماماً كبيراً بالقراءة إيماناً منها بأن القراءة هي المدخل الأساسي للمعرفة، لذلك خصصت عاماً خاصاً للقراءة هو عام 2016.
ولتدعيم منظومة القراءة على المستوى العالمي أطلقت برنامجاً عالمياً متميزاً لتحدي القراءة يسعى إلى تشجيع الأطفال والشباب وتحفيزهم ودعمهم في برنامج متكامل يعد الأول من نوعه في العالم، كما فتحت آفاقاً جديدة للوصول إلى مواد المعرفة المتنوعة، تزامناً مع إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2016 عاماً للقراءة، من خلال توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أطلقت المؤسسة مبادرة «مكتبة دبي الرقمية» في بدايات العام نفسه.
وقد وضعت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة رؤية متكاملة لتطوير مكتبة دبي الرقمية، بحيث تكون المكتبة الرائدة عالمياً في إتاحة الوصول إلى مواد المعرفة من دون حدود، لتمثل نموذجاً فريداً لمكتبات المستقبل.
لقد سعت مكتبة دبي الرقمية منذ البداية نحو ترسيخ مبادئ النفاذ إلى المعرفة التي تعد المنطلق الأساسي لكل مبادرات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. وقد وضعت المؤسسة رؤية متكاملة لآفاق الوصول إلى المعلومات ومشاركة المعرفة، تعتمد في الأساس على أن المعرفة حق للجميع، وهي السلعة والمنتج والخدمة الأكثر أهمية في العصر الحالي الموسوم بعصر المعرفة.
ولعل أهم الآفاق الجديدة التي قدمتها مكتبة دبي الرقمية تشمل ثراء المحتوى الرقمي، حيث إن المكتبة تتميز بأنها من أكبر المكتبات العربية المفتوحة من حيث حجم المحتوى المتاح الذي يبلغ أكثر من 170 ألف عنوان، ونحو مليون و900 ألف مادة رقمية مميزة، ما بين كتب وملخصات وصحف ومجلات ومقالات وبحوث ومواد تراثية تغطي كل مجالات المعرفة البشرية في تنوع فريد ومميز، بمعدلات نمو وزيادة سريعة.
وتتميز المكتبة في مجال المحتوى الرقمي من الناحية الكمية بالشراكات وآفاق التعاون المحلية والإقليمية والعالمية.
تتفرد المكتبة في مجال الكتب العربية التي تشهد اهتماماً عالمياً غير مسبوق، حتى أن المنصات العالمية الكبرى مثل غوغل وأمازون أنشأت مشروعات متخصصة لإتاحة الكتب والمحتوى الرقمي.
وقد وضعت المكتبة منذ البداية ضمن أهدافها الاستراتيجية التميز والتفرد في جودة المحتوى العربي، بغرض سد الفجوة المعرفية والرقمية التي يواجهها القارئ العربي ولخدمة اللغة العربية والقراء باللغة العربية في كل أنحاء العالم.
وقد كانت سعادة العرب وخاصة في الخارج بوجود مكتبة عربية مفتوحة تتيح لهم الوصول إلى الكتب العربية، كبيرة للغاية، وخاصة لتفرد المكتبة في مجالات التنمية البشرية وتنمية المؤسسات وقصص الأطفال التي تراعي القيم والأخلاق العربية، كما اهتمت المكتبة أيضاً بالتفرد في مجال بناء المحتوى الملائم لتطبيقات الموبايل في صورة «EPUB»، وتجري تعديلات على معالجات الحرف العربي بغرض تحقيق التفرد في المحتوى الخاص بالتطبيقات الذكية.
كما أتاحت مكتبة دبي الرقمية حق الوصول إلى المعرفة من خلال منصتها المفتوحة لجميع المواطنين والمقيمين بدولة الإمارات، بحيث يتمكن أي إنسان على أرض دولة الإمارات من النفاذ إلى المعرفة بسهولة ومجاناً لكل المواطنين، مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لكل دور النشر المحلية والإقليمية والعالمية، كما أن المنصة أيضاً تدعم النفاذ إلى المعرفة على المستوى العالمي من خلال دعم مبادرات الوصول الحر إلى المعلومات والمحتوى المجاني، الذي يبلغ أكثر من 50% من المحتوى المتاح على المنصة.
المستوى الثاني لدعم آليات النفاذ إلى المعرفة يتمثل في توفير المحتوى غير المجاني بأسعار رمزية مدعومة من مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، وبالاتفاق مع دور النشر التي تسعى إلى خدمة المعرفة والوصول إلى أبعد الآفاق من خلال منصة مكتبة دبي الرقمية العالمية.
وأيضاً سعت مكتبة دبي الرقمية منذ اللحظة الأولى إلى التوافق مع تطبيقات الموبايل من خلال بناء منظومة تطبيقات ذكية تتوافق مع أنظمة آندرويد وأي أو إس، ويمكن تحميل التطبيقات من منصات غوغل وأبل ستور. كما سعت أيضاً في تطويرها للواجهات الأمامية للويب أن تعمل وفقاً لمبدأ الموبايل أولاً Mobile First وهو نموذج التطوير في كل الواجهات التي تقوم مكتبة دبي الرقمية بتطويرها.
لقد وضعت مكتبة دبي الرقمية رؤية متكاملة لمستقبل المكتبات الرقمية تعتمد على المشاركة بين كل أطراف منظومة المكتبات، بداية من المؤلف إلى المستخدم والمستفيد. وتعتمد تلك الرؤية المستقبلية على الربط بين عناصر المنظومة، التي تشمل المؤلف والناشر ومنتج المحتوى الرقمي وأدوات الإتاحة المتمثلة في المكتبات الرقمية.
وتعتمد آفاق التطوير المستقبلي على بناء بيئة تفاعلية متكاملة (الكل في واحد All in One) بحيث تجمع تلك البيئة في طياتها مجموعة متكاملة من البوابات الفرعية تشمل إلى جانب بوابة المكتبة الرقمية، بوابة المؤلفين وبوابة للناشرين للمحتوى الرقمي، وبوابة المستفيدين، وبوابة إدارة الحقوق الرقمية، وبوابة المعايير وأدوات إنتاج المحتوى الرقمي.
نقلا عن البيان