تجلت أمامي تلك المقولة الشهيرة عن «احتراق الشمعة لتنير للآخرين» بينما كنت أتابع خبر وفاة العالم المصري الدكتور عادل محمود في الولايات المتحدة، والتي لم يكن ليسمع بها أحد أو يعرف عنه أحد لولا تغريدة الملياردير الأميركي بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت، والذي تبرع بكل ثروته – بعد أن كان أغنى رجل في العالم -لمكافحة الأمراض التي تفتك بالبشرية، وبالذات في العالم الثالث وخصوصاً بلداننا الإسلامية مرتع الأمراض والأوبئة، وأسس مؤسسة خيرية لهذه الغايات الإنسانية النبيلة باسم «مليندا وبيل جيتس».
قال بيل جيتس في تغريدته « لقد خسر العالم مطلع هذا الشهر أحد أعظم مخلقي اللقاحات في عصرنا الدكتور عادل محمود، الذي أنقذ حياة أعداد لا تحصى من الأطفال»، انتهت التغريدة لتبدأ حالة الصدمة والذهول لدينا «كيف لم نعرف أو نسمع عن قامة بمكانة وإسهامات هذا الرجل»، وليعذرنا وهو في دار الخلود، فقد كنا مشغولين بالاطمئنان على كتف محمد صلاح!!.
يعد العالم الكبير الذي توفى عن76 عاماً إثر نزف دماغي في نيويورك مطور عدد من اللقاحات التي أنقذت حياة الملايين من البشر حول العالم على امتداد العقود القليلة الماضية، ويعد أحد أكبر رواد أبحاث اللقاحات في العالم، وهو مكتشف اثنين من أهم اللقاحات، وهما لقاح سرطان عنق الرحم ولقاح «روتا» للسيطرة على إسهال الرضع، والذي كان يفتك بملايين الأطفال حول العالم وبالأخص في أفريقيا وآسيا.
السيرة الذاتية للبروفيسور الراحل تحفل بالعديد من التحديات للطفل الذي أثرت فيه وفاة والده لتأخر وصول الدواء إليه مما غير مسار حياته ليدرس الطب داخل وخارج مصر حتى أصبح علماً من أعلامه وعلومه، وأفنى حياته لأجل إنقاذ الملايين من شرور الأمراض والأوبئة التي مازالت تفتك بعشرات الآلاف من البشر في مناطق شتى من عالمنا، وحيث يتصدر المشهد المختلفون على الغنائم، الأنانيون ممن ترتفع عقيرتهم للظفر بالغنيمة ولو حصدت الأمراض والأوبئة عشرات الآلاف من أرواح مواطنيهم.
نعتز نحن في الإمارات بأن لنا إسهاماً ريادياً في الجهد الإنساني الذي شارك فيه البروفيسور عادل محمود وبيل جيتس، من خلال المساهمة المتميزة للدولة في تحالف القضاء على الأمراض ومبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التي نجحت في خفض إصابات شلل الأطفال على طريق استئصاله ودحره.
جريدة البيان