عرّج حوار أجرته إذاعة «بي. بي. سي» مع الروائي السوداني أمير تاج السر، يوم أمس، على ما يطلق عليه «الكتاب المسموع»، حيث يجري التسجيل الصوتي لمحتويات الكتب، كي يسمعها ويتذوقها من لا يستطيع أو لا يحب القراءة، أو من لا صبر لديه عليها، فيفضل أن يستمع إلى الكتاب صوتياً، فأجاب الضيف عن سؤال بهذا الخصوص قائلاً بأن الكثير من كتبه باتت مسجلة صوتياً، وأن هناك الكثير من القراء من صاروا يرددون: لم أقرأ الكتاب، لكني سمعته.
ولأن الحديث جرى مع «بي. بي. سي»، أذكر أن المحطة نفسها سألتني عن رأيي في الموضوع ذاته، قبل شهور، ضمن حوار مطوّل، فأجبت أني شخصياً أفضّل القراءة على الاستماع، ولكن معدة البرنامج بسمة كراشة، فاجأتني حين بث الحوار الذي سبق أن سجلناه عبر «سكايب»، بقراءة مقطعٍ من كتابي: «ترميم الذاكرة»، بصوتها، فانتابني شعور بأن القراءة، إذا كانت متقنة، وبصوتٍ مُدرَّب، تجعل النص أقرب إلى المتلقي، بل لعل هذا النوع من القراءة يبلغ زوايا في النص لا قد نبلغها حين نقرأه منفردين.
ربما لهذا السبب لم أتردد في الموافقة على عرض قدّمته لي مؤسسة يديرها أخوة عرب في أوروبا بالتسجيل الصوتي ل «ترميم الذاكرة» وكتب أخرى لي، وإتاحتها على موقع إلكتروني يقصده محبو الاستماع للكتب بدل قراءتها.
في بلدٍ صغير المساحة كالبحرين، المناطق فيه متقاربة جداً، فإن مشاويرنا بالسيارة هي في الغالب الأعم لا تستغرق وقتاً طويلاً، إلا إذا استثنينا بعض أوقات الذروة، لذلك لا تبدو شائعة، في حدود ما أعلم على الأقل، عادة الاستماع للكتاب الصوتي أثناء القيادة.
ولكن حين يدور الحديث عن بلدان أخرى كبيرة أو مزدحمة، فإن فكرة الكتاب المسموع قد تبدو جذّابة لأولئك الذين لديهم شغف بمطالعة الكتب، لكنهم لا يجدون الوقت الكافي لفعل ذلك، لا بسبب ساعات العمل الطويلة وحدها، وإنما أيضاً بسبب الأوقات الطويلة التي يقضونها في سياراتهم، أو في وسائل المواصلات العامة، فيصبح مفيداً أن يستغلوا هذه الأوقات للاستماع إلى الكتب.
الحق أن تجربة الكتاب المسموع ليست جديدة، وتعود للفترة التي كان شائعاً فيها استخدام «أشرطة الكاسيت»، ولكن تسارع إيقاع العصر وازدحام الوقت بكل ما من شأنه الاستحواذ على ما كان يعرف ب «أوقات الفراغ»، يُضاعفان الحاجة إلى تعميم هذه التجربة على نطاقات أوسع، بغية إبقاء الكتاب حاضراً، حتى لو جاء مسموعاً.
Menu
- 0097142243111
- info@alowais.com
- Sun - Thr: 9:00 - 16:00