ربما إعجاز الحياة الأكبر هو في كونها تبقى سائرة في عجلتها، لا تلتفت لحدث كبُر أو صغُر، أياً كان صاحب الحدث، وأياً كان مكان الحدث.
يولد صباح، ويمر ظهر، ويأتي مغيب ويحل ليل، وخطو الوقت في رتمه وعلى دربه.
لذا فإن نظرة فاحصة على أوضاع الوطن العربي، تُظهر أوضاعاً بائسة في جلها، بل يؤلم النفس ويوجعها أن تصل الأمور إلى حد الاقتتال والتهجير والموت. يحدث هذا في مختلف أقطار الوطن العربي، بينما العالم يُطلق علينا مصطلح “شعوب العالم الثالث”، بافتراض وجود شعوب نخب أول، وشعوب نخب ثان، ونحن في ذيل التصنف نخب ثالث، أو حتى نخب ثلاثين. لكن على الرغم من كل هذا تبقى أقطار عربية تشرق بحيواتها ومبادراتها، وتثير أملاً أخضر ليس في نفوس شعوبها فقط، ولكن أيضاً في نفوس الكثير من أبناء الأمة العربية!
على الموقع الإلكتروني لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة (https://www.mbrf.ae)، نقرأ: “تهدف المؤسسة إلى تقوية الأجيال المستقبلية وتمكينها من ابتكار حلول مستدامة؛ لتيسير عملية المعرفة والبحث في العالم العربي، كما تتعهد بتأسيس مجتمعات قائمة على المعرفة، من خلال تمويل المشروعات البحثية والأنشطة والمبادرات. فهي تدعم الأفكار والابتكار، وفي نفس الوقت تهتم بركائزها الأساسية التي تتمثل في التعليم وريادة الأعمال والبحث والتطوير”.
ما يلفت النظر إلى عمل المؤسسة، هو هدفها بأن تمتد من إمارات الخير لتصل إلى كل زاوية من الوطن العربي، ومؤكد أن “برنامج دبي الدولي للكتابة” هو أحد الآمال الإبداعية العربية الكبيرة خاصة والنتائج الشبابية المفرحة التي تأتي كثمار لهذا البرنامج. انطلاقاً من الإمارات العربية، ووصولاً إلى جميع الأقطار العربية.
“برنامج دبي الدولي للكتابة، يتواصل مع كتّاب عرب لهم باعهم الطويل في الكتابة، وحضورهم الإبداعي المعروف، ومن ثم يتفق معهم على اختيار عدد محدد من أبناء بلدهم؛ كتّاب شباب، بحيث يكون الكاتب الشاب قد أصدر كتاباً أو هو بصدد إصدار كتاب، ليُقيم الكاتب/ المدرّس “ورشة للكتابة الإبداعية” في جنس من أجناس الكتابة الإبداعية، سواء كان شعراً أو قصة قصيرة أو رواية أو مسرحاً.
المدرّس/ الكاتب، يعدّ المادة العلمية الإبداعية للورشة، وينتظم في لقاء ودرس أسبوعي مع الكتّاب الشباب في مواعيد محددة، ولمدة تتراوح بين أربعة وستة أشهر، ومن ثم يشرف على كتاباتهم، وذلك بغرض أن ينتهي الكاتب الشاب إلى إنتاج عمل إبداعي.
كانت فرصة رائعة لي بالتعاون مع برنامج دبي الدولي للكتابة، وذلك للإعداد والإشراف ومتابعة ورشة كتابة إبداعية للرواية، في الكويت. خلال الفترة من بداية فبراير وحتى نهاية يوليو 2018، وبمشاركة أسماء شبابية كويتية، وبالتعاون مع رابطة الأدباء الكويتيين.
جمعتني والكتّاب الشباب لقاءات منتظمة كنا ندرس فيها أسس الكتابة الإبداعية للرواية، ثم بدأت التخطيط مع كل كاتب على حدة لعمله الروائي؛ بدءًا بالفكرة مروراً بكتابة كل مشهد أو فصل من الرواية، وانتهاء بإكمال الرواية ومراجعتها، والتأكد من أنها قادرة أن تكون صوتا إبداعيا لافتا لصاحبها، وتاليا إرسال العمل إلى الزملاء برنامج دبي الدولي للكتابة، لفحص العمل عبر لجنة مختصة، وإجازته للنشر.
وكم كانت سعادتي كبيرة حين اعتمد البرنامج نشر ثلاث روايات للورشة الكويتية، للكاتبة موضي الطويل بعنوان “بحر سارة”، والكاتب يوسف الجيران بعنوان “بردا وسلاما”، وأخيرا الكاتبة جميلة جمعلة بعنوان “بنت مريم”، وستكون جميع هذه الروايات موجودة في معرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الشهر القادم، وكذلك معرض الكويت الدولي للكتاب.
ثلاثة أعمال روائية شبابية كويتية كانت نتاج ورشة الرواية. تعاون إماراتي – كويتي، أطلق أسماء شبابية كويتية للساحة العربية، وكلنا حلم كبيرة بأن تكمل مسيرتها الإبداعية بمزيد من النجاح والتألق.
شكراً من شباب الكويت، لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ولبرنامج دبي الدولي للكتابة.
الجريدة