الخريجون الجدد، حمَلة شهادة الثانوية العامة تحديداً، وقد ينطبق الأمر ذاته على خريجي الجامعات، ربما بنسبة أقل، لا يعانون فقط أزمة في اللغة العربية، كتابة وقراءة، بل هم يعانون مشكلات كثيرة.
معظمهم، وتجنبت كلمة «جميعهم» حتى لا أقع في خطأ التعميم فقط، لديهم نقص واضح في معلوماتهم العامة، وفي التاريخ، خصوصاً تاريخ منطقتنا العربية، ولا يمتلكون معلومات كثيرة عن الماضي والحاضر، والجغرافيا السياسية أيضاً، وهم مغيبون تماماً عما يجري حالياً في كثير من دول العالم!
هل ذلك مهم، أم أنها مجرد معلومات غير ضرورية يمكن البحث عنها في «غوغل»؟! هذا ما سيختلف عليه كثيرون، لكن من المؤسف حقاً أن يتخرج لدينا جيل كامل لا يملك من العلم سوى لغة إنجليزية جيدة، وقليل من معلومات تقنية، معظمها تتركّز حول تطبيقات الهواتف المتحركة واستخداماتها، وألعاب إلكترونية.
لست متشائماً، ولا مُبالغاً، وبإمكان أي منكم أن يتأكد من ابنه أو ابن جاره أو أخيه الصغير، أو أياً كان، فلنختبر معلوماتهم عن الحاضر أو الماضي، واختاروا ما شئتم من أسئلة جغرافية أو معلومات عامة أو حتى كلمات من اللغة العربية، النتيجة حتماً ستكون صادمة دون شك إطلاقاً!
في إحدى لجان مقابلات طلبة الثانوية العامة لابتعاثهم من قبل جهة حكومية معروفة، فوجئ أعضاء اللجنة بأن جميع من تمت مقابلتهم دون استثناء لم يستطيعوا معرفة الدول المجاورة والمحيطة بدولة الإمارات، وللأمانة طالب واحد استطاع ذكر دولة واحدة فقط، وهي سلطنة عمان، وعندما سُئل عن عاصمتها، قال: «صلالة على ما أعتقد»!
ولن أدخل في تفاصيل أخرى لبقية المعلومات العامة لأنها فعلاً صادمة، ولكنها حقيقة مُرة للأسف، ركزنا في السنوات الماضية في مناهجنا وتعليمنا على اللغة الإنجليزية، فكسبنا جيلاً جديداً يجيدها بتفوق عن الجيل السابق، ولكننا في الوقت نفسه ضيّعنا اللغة العربية، وضيعنا المعلومات العامة، والمواد الفكرية التي تبني شخصية الإنسان وتغذي عقله وفكره!
وللأمانة أيضاً، وهذه ملاحظة عامة عند معظم لجان المقابلات في الجهات الحكومية، سواء للعمل أو للابتعاث، فهم يؤكدون أن خريجي المدارس الحكومية أفضل بكثير من خريجي المدارس الخاصة، على الرغم من ارتفاع نسبة طلاب المدارس الخاصة في الشهادات، وإجادة اللغة الإنجليزية فقط هي ما يميّز طلبة المدارس الخاصة، فيما يتفوق عليهم طلبة المدارس الحكومية في كل ما عدا ذلك، ما يجعلنا نتساءل عن جدوى مئات الآلاف من الدراهم التي يدفعها أولياء الأمور سنوياً، وسبب ارتفاع أسعار التعليم الخاص المبالغ فيها جداً بالإمارات، مقارنة بمخرجات هذا التعليم الضعيفة وغير المُرضية!