في مدينة يملأ شوارعها ركام قمامات الزبالة التي ما من أحد يجمعها، تذكّر بمنظر بعض مدننا العربية التي ينخر الفساد أوصالها، وفي بعض ساحاتها تتجمع حشود تهتف ضد الأغنياء الذين يسرقون قوت الفقراء، تماماً كتلك الحشود التي شهدناها مؤخراً في مدن العراق ولبنان، تدور أحداث الفيلم المميز «جوكر».
ومع أن أحداث الفيلم جرت في العام 1981، إلا أن عرضه على شاشات السينما يأتي في وقته المناسب تماماً بالنسبة للمشاهدين العرب، ففي مجريات أحداثه ما يمكن اعتباره مرآة لما نحن عليه.
الفيلم من إخراج تود فيليبس، المشارك أيضاً في كتابة السيناريو مع سكوت سيلفر. وبرع خواكين فينيكس في دور ال «جوكر»، فبات أداؤه محط ثناء النقاد والمشاهدين، ما حمله على إعلان استعداده لتقديم سلسلة من الأفلام حول شخصية «جوكر»، فيما قال مخرج الفيلم إنه صمم ليكون فيلماً واحداً، ولم يكن مخططاً أن يكون له جزء ثانٍ، لكن في حال قررت الشركة المنتجة فعل ذلك فلن يكون الممثل فيه سوى فيليكس نفسه، حيث «لا يوجد ممثل أو شخص مثله».
بعض ما هو متيسّر من معلومات عن الفيلم يشير إلى أن المخرج وكاتب السيناريو انطلقا من رواية باتمان «النكتة القاتلة» (1988) بمثابة الأساس للفيلم، لكنهما استعانا بدراسات أخرى تغني فكرة الفيلم وأحداثه وشخصياته.
طوال الفيلم لم يكف بطله خواكين فينيكس عن الضحك، على شكل موجات هستيرية لا تتوقف، مشابهة لموجات البكاء التي قد تستحوذ على شخص مكلوم أو موجوع، حتى وهو يقتل ضحاياه الكثر، وبعضهم قريب منه للغاية، يغرق في موجة من الضحك المستمر، ورغم أن الفيلم يوحي لنا بأن الأمر خارج عن إرادة الرجل، لكن يصح السؤال عما إذا كان في هذا الضحك الذي لا يتوقف سخرية مما يجري وممن هم حوله.
يمكن أن نفهم من السياق أن القتل المتتالي الذي مارسه البطل هو نوع من الانتقام أو ردّ الاعتبار لنفسه، لما هو عليه من تهميش ومحل سخرية من المحيطين به، تدفعه لتقصي أسباب ما هو عليه من هوان، ليستنتج أن السبب يكمن في الأغنياء الذين تمتلئ الشوارع بالمحتجين ضدهم، مرتدين أقنعة كالقناع الذي يرتديه هو.
تدور الأحداث في أمريكا، في واشنطن دي سي، كأن الفيلم يزيح كل «المكياج» الذي يخفي حقيقة ما يعتمل في جوف المدينة، لكن رسالته موجهة لكل من يهمهم الأمر: إن لم تتحقق العدالة، فالبديل هو الفوضى.
جريدة الخليج