دائماً ما كان يفاجئنا الأستاذ حبيب الصايغ بأسئلته وتعليقاته ومواقفه خلال اجتماعات العمل أو الجلسات، وحتى خلال المحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية التي يشارك فيها، كانت مفاجآت راقية وعميقة تثير الفكر والتساؤلات والفضول أحياناً.. وواضح أن الأصيل لا يتغير حتى في آخر لحظات حياته، فأبى حبيب أن يرحل إلا وهو يمارس الهواية نفسها، ففاجأنا برحيله بدون أي مقدمات، وكانت مفاجأته الأخيرة فاجعة، كانت كالصاعقة، لقد جاءني خبر وفاته في منتصف نهار يوم أمس على صيغة سؤال من أحد الزملاء في الصحيفة.. هل توفي الأستاذ حبيب الصايغ؟ بالطبع لا، إنه بخير وصحة، فقبل ساعتين كنّا قد تواصلنا معه في جمعية الصحفيين لدعوته إلى فعالية تقام «اليوم» فأجاب الدعوة وأكد الحضور، فكيف يكون الخبر صحيحاً؟!
بعد إجراء بعض الاتصالات والسؤال سمعت أسوأ خبر، نعم.. توفي بوسعود في المستشفى إثر عارض صحي مفاجئ! رحمك الله يا بوسعود وأسكنك فسيح جناته، لقد رحلت سريعاً عن من أحبوك واحترموك ولم تسمح لنا حتى بوداعك.. من يعرف الأستاذ حبيب يعرف رقيه ودماثة خلقه، ويعرف كم كان نشيطاً ومتحمساً للعمل والإنجاز على الرغم من كبر سنه، وعلى الرغم من الأمراض التي ترافقه منذ سنين، إلا أنه كان أقوى من عمره وأكبر من آلام المرض، فكان عطاؤه دائماً مستمراً وحركته لا تهدأ وكأنه شاب في الـ 30 من عمره.
حبيب الصايغ رجل صاحب مواقف واضحة وصحافي له قلم ورأي.. صال وجال في ميدان الصحافة والثقافة والشعر والأدب، وفي كل موقع كان له حضوره اللافت وتأثيره الواضح وبصمته الفارقة، لذا فإن وفاته لن تكون رحيلاً ولا غياباً، فالمبدعون لا يرحلون ولا يموتون وهو الذي ترك خلفه آلاف المقالات ومئات القصائد والكتب، فمنذ قيام دولة الإمارات واسم حبيب الصايغ حاضر في صحافة الإمارات، وقلمه ينبض فكراً وإبداعاً، تنقّل في تجاربه الأدبية والثقافية والشعرية، إلا أن حسه الوطني بقي ثابتاً وواضحاً وعندما احتاج الوطن لأقلام أبنائه كان قلم حبيب أحد الأقلام البارزة في الدفاع عن الوطن ولم يمنعه انشغاله بالأدب والشعر والثقافة من أن ينبري للدفاع عن وطنه، ولم يقل أنا شاعر وأديب لا شأن لي بالقضايا والخلافات السياسية، بل كان في الصفوف الأولى دائماً وأبدع في الدفاع عن وطنه كما أبدع في الأدب والشعر.
أكبر خسارة هي خسارة الرجال.. فكيف إذا كان الرجل صاحب قلم وموقف وفكر؟.. فهذه الخسارة الكبرى.
رحم الله حبيب الصايغ وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.
صحيفة الرؤية