مرّت مؤخراً ذكرى ميلاد الشاعر عمر الخيّام الذي شغلت رباعياته العالم، حيث ترجمت إلى العديد من اللغات، بما فيها لغتنا العربية التي تتوافر على عدة ترجمات لها. والمعروف أن الخيّام كان عالماً في الفلك والرياضيات، خاصة علم الجبر الذي برع فيه، كما عرف بضلوعه في اللغة والفقه والتاريخ، لكن الشعر بالذات هو الذي جعل صيته ذائعاً عبر الزمن.
كانت سيرة الخيّام ورباعياته موضع سجال ما زال مستمراً حول اليوم، لما يبدو من تناقض بين صورة الفقيه الذي كانه الرجل، وما يزخر به شعره من صور وتعبيرات حسية، لا تستقيم مع النظرة النمطية للفقيه، خاصة أن بعض ما نسب إليه من أشعار حمل البعض على اتهامه بالإلحاد، ممن شككوا في مغزى ما يزخر به شعره من حيرة حول الكون والحياة والموت.
هناك من يقول إن المستشرقين بالذات هم من غلّبوا صورة اللهو في شخصية الخيّام على صورة الفقيه الزاهد، اتساقاً مع الصورة الأثيرة للشرق القديم السائدة في الاستشراق أكان تاريخاً أو حتى لوحات فنية، لكن هذا القول يظل بحاجة إلى إثبات، فلعلّه صادر من موقف مرتاب من المستشرقين والاستشراق برمته.
بعض من اهتموا بكتابة سيرة الخيّام ذهبوا إلى القول بأن ليس كل الرباعيات المنسوبة إليه، هي من وضعه هو شخصياً، خاصة منها تلك التي تدعو إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إذ لا يمكن، برأي هؤلاء، أن يكون الخيّام قائلها وهو العالم الجليل ذو الأخلاق السامية، مُرجحين أن آخرين أتوا بعده هم من وضعها ونسبوها إليه، أو أنها ظلت مجهولة النسب، حتى تبرع آخرون بنسبها إلى الخيّام لما وجدوه من أوجه شبه بينها والرباعيات ومفرداتها.
وحاولتُ الوصول إلى ما قاله الباحث السعودي عبد الله الماجد بهذا الخصوص في كتابه: «صوت الخيام – الرباعيات بين الانتحال والتدوين» الصادر في العام الماضي فلم أوفق، لكني سأسعى لذلك في قادم الأيام، لكن مصادر أجنبية تنسب إلى المستشرق الروسي جوكوفسكي قوله إن 82 رباعية ليست للخيام من أصل 464 رباعية، وهي عائدة لآخرين سمى منهم ابن أبي الخير، والعسجدي، والعطّار، وجلال الدين الرومي، ونصير الدين الطوسي، وحافظ الشيرازي.
وقام مستشرق آخر، من الدنمارك هذه المرة، اسمه كريستنسن بجمع 121 رباعية، لا يُعرف قائلها، ومن الممكن أن تنسب إلى الخيام، لكنه عدل عن رأيه وقال: «يجب علينا أن نعدّ الرباعيات نتاجاً للأدب الفارسي عامة».
جريدة الخليج