نظمت جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية أمسية ثقافية تحت عنوان “جلسة قهوة” تزامناً مع اليوم العالمي للقهوة، وذلك في أوبرا كافيه بالفجيرة، بحضور خالد الظنحاني رئيس الجمعية ونخبة من الأدباء والشعراء والمثقفين.
واستعرضت الأمسية تاريخ نشأة تداول شراب القهوة ومدى ارتباطها بطقوس الكتابة عند الكاتب خلال اطلاق العنان لعمله الإبداعي، على اعتبار أن القهوة بحسب المفهوم السائد تساعد على إيقاظ ملكة الكتابة لدى المبدع وتعطيه دافعاً للتجويد بما يجود به خياله من أفكار.
كما ناقش المشاركون منزلة القهوة عند العرب، قديماً وحديثاً وارتباطها برمز الكرم والشهامة، خصوصاً عند أهل البادية، الذين يعتبرونها ركناً أساسياً في مجالس الرجال، حيث يتفاخرون بشربها وتعدّ مظهراً مكملاً لمظاهر الرّجولة.
وأوضح رئيس الجمعية خالد الظنحاني أن الصورة الذهنية للقهوة تعكس العلاقة المتينة بين الأديب والمقهى، على اعتبار أن القهوة أداة يلعب بها كل من يهوى الأدب، فكلما رشق قلم الكاتب حروفه الأولى توهجت القهوة كمذاق للفكرة، وساعدته في الحفاظ على نشاطه الفكري.
وأضاف الظنحاني: إن القهوة تزيد من “شغف القراءة” كما أن لها ذاكرة لا يمحوها حبر الكتابة؛ الأمر الذي يعطي الأديب سبباً آخر، لالتصاق الكتّاب بفناجين القهوة، فالقهوة محرضة للإبداع، وخاصة إذا كانت تحضرها الأم على وهج قلبها الجميل، لتعكس قول الشاعر الكبير محمود درويش “أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي”.
بدوره قال الباحث في التراث ومؤلف كتاب “آداب صب القهوة” عبدالله الهامور: إن القهوة تعد موروثاً مستمداً من عادات العرب منذ القِدَم، حيث مثلت ومازالت تمثل ثقافة وأخلاقيات متعارفة كانت نتاج عادات الآباء والأجداد، كما أن القهوة عند العرب تتميز بالعديد من الآداب التي تؤكد بأن هذا العرف وهذه الثقافة، هي دليل على الكرم والجود والتواضع والتقدير. وأضاف: “لابد من تعليم الأبناء آداب القهوة ليتوارثوها جيلاً بعد جيل، نظراً لأهمية معنى كل أدب من آدابها، سواءً في المجالس أو في الحياة عامة، فهذه الآداب هي من أخلاقيات ديننا الإسلامي”.
وفي سياق متصل أكد الشاعر عبدالله الهدية، بوجود علاقة ارتباط قوية بين المثقف والقهوة، مشيراً إلى أن بعض المثقفين جعلوا القهوة شرطاً أساسياً للكتابة، فمنهم من لا يبدأ يومه إلا بعد ارتشاف كوب من القهوة بأنواعها المختلفة. وذكر الهدية أنه مع تعدد المشروبات وتنوعها ظلت القهوة متفوقة ومسيطرة بتأثيرها وإن تعددت مسمياتها وأصنافها، وأن القهوة كنكهة ومشروب وكملهمة لها عدة عوامل تجعل منها جزءً أساسياً من يوم المثقف، لافتاً إلى أن هذا الارتباط الشرطي بين المثقف والقهوة له تأثير ملحوظ من ناحية الابداع، وقال: “المثقف حين يسافر بخياله مع رائحة القهوة ونكهة القهوة والدخان المتطاير من القهوة، فهو يحلق في أجواء الخيال فيُبدع، ويبقى هذا الارتباط الجميل، ليصاحبه وهو يقرأ جريدة الصباح بعد ارتشاف كوب من القهوة”.