قبل أيام تعرض موقع «فيسبوك»، وتطبيق «إنستجرام» التابع له، لعطل مفاجئ منع ملايين المستخدمين على مستوى العالم من الدخول إلى الشبكتين. ومع أن الموقع أوفى بما كان المتحدث باسمه قد وعد به، فعادت الخدمة «في أسرع وقت ممكن»، إلا أن الساعات القليلة التي وقع فيها الانقطاع أحدثت إرباكات واسعة لدى مستخدمي الموقع، وأعادت إلى الأذهان حديثاً سابقاً جرى قبل سنوات قليلة، وبالضبط في العام 2014، حول صورة العالم بدون «فيسبوك».
يومها كان عدد مستخدمي «فيسبوك»، على مستوى العالم، هو 1.35 مليار مستخدم، ومعدل عدد الأصدقاء للشخص الواحد على الموقع هو 130 صديقاً، فيما المتوقع أن يكون هذا العدد قد زاد كثيراً، وتُقدّر بعض المواقع أن نحو 2.3 مليار نسمة، أي نحو 30% من سكان العالم، يستخدمون الموقع كل شهر. ونعلم أن عدد الأصدقاء للكثير من المشتركين فيه يبلغ الآلاف، وربما يصل عند بعضهم للحد الأقصى الذي يتيحه الموقع وهو خمسة آلاف صديق.
من أجل تخيّل العالم بدون «فيسبوك» تجدر العودة إلى بعض التجارب التي أجرتها بعض الجامعات ومراكز الأبحاث بالاستعانة بآلاف مستخدمي «فيسبوك» الذين يغلقون حساباتهم ولو لبضعة أسابيع، حيث تمّ تصنيفهم ومراقبة سلوكياتهم بدقة، فكان الأمر أشبه بمن يعالج أشخاصاً من الإدمان حيث يتم عزل الأشخاص قيد التجارب بعيداً عن «فيسبوك» وحثهم على مشاهدة التلفاز مع الأصدقاء والأسر مع منحهم ساعة فقط بشكل حر.
النتائج، أو بعضها، أظهرت أن المستخدمين أصبحوا على غير دراية بما يجري في العالم من أحداث وأخبار، ما يعني أنه كان مصدرهم لتلقي ذلك.
وعلى الرغم من السلبيات الكثيرة التي يجري عنها الحديث حول دور المنصة في نشر الأخبار الزائفة واختراق الخصوصية والتنمر والانقسام السياسي، وما تجنيه بعض الجهات من تريليونات الدولارات من الإعلانات على المنصة واستغلال ما توفره من بيانات عن المشتركين فيها، ورغم الفضائح التي يجري الكشف عنها من اختراق للخصوصية وتسريب البيانات وانتشار الأخبار المضللة والاستقطاب والتنمر، إلا أن تلك النتائج أظهرت أنه من الصعب على كثير من مستخدمي «فيسبوك» إغلاق حساباتهم والابتعاد عنه.
يوصف «فيسبوك» بأنه أول مدينة رقمية ضخمة على مستوى العالم تمكّن أعداداً هائلة من البشر من التواصل سواء بشكل إيجابي أو سلبي، وللمفارقة يورد أحد المواقع القول الدال التالي: طبّاخ السم لا يذوقه، فمؤسس «فيسبوك» يقضي وقته في القراءة بعيداً عن الموقع.
جريدة الخليج