ضمن موسمه الثقافي تحت شعار «زايد ذاكرة شعب وهوية وطن» نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات -فرع أبوظبي بمقره في المسرح الوطني أمس الأول ندوة بعنوان «لماذا صار شوقي شاعر العصر الحديث؟» وذلك بمناسبة مرور 150 عاماً على ميلاد أحمد شوقي، شارك في الندوة كل من الدكتور جمال مقابلة، أستاذ الأدب الحديث والنقد في جامعة الإمارات، والدكتور محمد الحوراني، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة العين، وأدارت الندوة الفنانة التشكيلية الشاعرة ليلى الأحمدي.
جاءت هذه الأمسية تلبية لدعوة الشاعر حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب للاحتفاء بذكرى ميلاد أمير الشعراء.
وتحدث الدكتور مقابلة في عدة محاور منها، شوقي شاعر الإحياء والتجديد، ولفت إلى أن أمير الشعراء مقلد أصيل ومتبع لكبار الفحول من شعراء العربية، وهو شاعر المعارضات والإبداع فقد عارض البحتري والبوصيري والحصري القيرواني، وفي ذلك تحد للذات وللتراث وللواقع، كما تطرق للموسيقى الشعرية الباذخة في شعر شوقي التي يتصل بموهبته الموسيقية بسلسلة شعراء تميزوا في هذا الباب وهم الأعشى الكبير، والأخطل التغلبي والبحتري والشريف الرضي، موضحا أن شوقي شاعر عربي غنائي بذاتية كلاسيكية رصينة لا رومانسية حزينة أو مائعة.
وأضاف أنه يسجل لشوقي اجتراح المسرح الشعري من خلال مسرحياته: مصرع كليوباترا ومجنون ليلى، وقمبيز، وعلي بك الكبير، وعنترة والست هدى، ومن رواياته عذراء الهند والفرعون الأخير وكتاباته النثرية التي جعلت منه شاعرا مثقفا بامتياز، مبينا أن شوقي استحوذ على الذوق العام للشعر حين نال إمارة الشعر في بدايات الربع الثاني من القرن العشرين، 1927 قبل رحيله بخمس سنوات.
وأشار مقابلة إلى مواقف شوقي السياسية وموقفه من الاستعمار الإنجليزي فقد كان يعيش في ظل الإحساس بضرورة وحدة العالم الإسلامي والعربي، وكان صديقا لمصطفى كامل، ثم نفاه الإنجليز من سنة 1915 إلى 1920 إلى إسبانيا وهناك كتب قصائده في الحنين إلى مصر والعالم العربي الإسلامي.
وذكر الدكتور الحوراني أن شوقي اختار معارضاته بدقة من عيون الشعر العربي، قصائد ذات إيقاع عذب، وموسيقى داخلية مميزة مثل قصيدة نونية ابن زيدون، موضحا أن قصائد شوقي لا تقل قيمة عن القصائد التي عارضها.
وقال إن شوقي تعرض لثاني أكبر معركة نقدية في التاريخ بعد المتنبي، وقد امتدت هذه المعركة إلى أربع مراحل زمنية،، وكان أشد تلك المراحل أهمية بعد توليه إمارة الشعر، ولم تكن المعركة ذات دافع فني محض، بل كان هناك عدد من الدوافع الأخرى منها ما هو سياسي وما هو شخصي، أما بالنسبة للقضايا التي أشعلتها المعركة النقدية فقد كانت تدور حول الشكل والمضمون، وحول التجربة الشعرية بصدقها وكذبها، وحول اللفظ والمعنى، وإن كانت الأبرز فيها تلك التي تدور حول الصورة الفنية والتشبيهية تحديدا، وهي في كل ذلك صراع بين الصورة التقليدية المعتمدة على الحس والتي يمثلها شوقي والصورة الباطنية النفسية أو الذهنية التي يريدها العقاد، فقد كان شوقي يمثل الاتجاه المحافظ، في حين كان العقاد يمثل المدرسة التي تنادي بالتجديد، موضحا أن شوقي لم يرد ولا على أحد من النقاد الذين وصلوا إلى حد الإهانة.
من جهة أخرى أقيمت على هامش الندوة ورشة تعليم رسم منظر طبيعي بالألوان الزيتية مستوحى من قصيدة «يا جارة الوادي» التي كتبها شوقي عن مدينة زحلة اللبنانية، وذلك بالتعاون مع «أتيليه لانتانا» بإدارة فرح البستكي، وأشرفت على الورشة ليلى الأحمدي.
جريدة الخليج