لم تكن حكاية العداءة الصومالية سامية عمر، مجرد رواية كتبها الإيطالي جوزيبي كاتوتسيلا، تحت عنوان «لا تقولي إنك خائفة»، بل كانت واقعاً لا يحتاج سوى لمن يرصّه على صفحات بيضاء، لتظهر كمية الألم، والتشظي، والاغتراب، والغربة، التي عانتها البطلة في سبيل وطنها، وحلمها بأن تنجز له شيئاً يعتد به، كانت كلمات والدها الأخيرة قبل أن يموت بفعل رصاصات غادرة من المتشددين في الصومال هي: «أنت محاربة صغيرة تركض من أجل الحرية، لتخلّصي شعباً بأكمله».
من أجل تلك الكلمات بنت أسطورتها الشخصية، وكانت مصرّة على أن تبقى برغم التشدد والعوز الذي يسكن بلدها، ويحاصرها، ويبقيها من دون فرصة لتطوير نفسها، إلا أن دراما الواقع تجعل تفكيرها في الوطن، في الأمل والحلم من أجله يتبدل تماماً، حين تكتشف أن صديقها «علي» الذي تعاهدت معه منذ الصغر على أن يكونا أخوين، كان هو من قتل والدها برصاصات من الخلف، بعد أن التحق بالمتشددين ليحصل على طعام، وكسوة، وبعض المال، لقد نفذ أمر زعيم الإرهابيين هناك، من دون أن يرفّ له جفن.
عندها قررت سامية أنْ لا شيء يستحق الحياة على أرض وطنها، فاختارت مرغمة سبيل الهجرة السرية، لتكون نهايتها المؤلمة في عباب البحر، وقريباً من الشواطئ الإيطالية، من دون أن تبلغ أرضاً أرادتها لتجد السلام، والأمن، ولتحقق حلمها.
الرواية التي ترجمها معاوية عبد المجيد، ومن منشورات دار المتوسط سنة 2016، لقيت تجاوباً كبيراً من قبل القراء في مواقع مراجعات الكتب، وكان الألم الذي تركته الرواية في نفوس قرائها هو النقطة الأبرز التي اتفق عليها الجميع.
أحد القراء كان سيكمل الرواية بسرعة فائقة، لكنه قرر أن يتأمل أحداثها المأساوية على مهل، ويقول: «هذه الرواية تجسد مشاعر كثيرة، الأمل، الفرح، الإصرار، الحزن، لقد شدتني إلى درجة أنني أكملتها في يومين، بل إني كنت سأكملها في يوم واحد، لكني قررت أن آخذ وقتاً أكثر في تأمل الأحداث»، ويعتب القارئ نفسه على ناشر النسخة العربية من الرواية، بسبب بعض الأخطاء فيقول: «هناك بعض الأخطاء المطبعية في النسخة العربية من الرواية».
وتكشف قارئة أخرى أنها لم تكن تعرف العداءة سامية قبل قراءتها للرواية، ثم تعبر عن مشاعرها التي توحدت معها بعد ذلك قائلة: «لم أكن أعرف سامية عمر قبل هذه الرواية، لكني الآن لا أستطيع أن أكف عن التفكير فيها، وفي ما جرى لها، ما كل هذا الوجع والألم؟ ماذا اقترفت تلك الصغيرة لتعيش هذه المأساة؟».
وتلتقط القارئة جملة من الرواية تبدو كما لو أنها جملة مفتاحية، وهي قول والد سامية: «لا تقولي إنك خائفة أبداً، يا صغيرتي سامية، وإلا فإن ما تخافينه سيتعاظم حتى يهزمك».
قارئة أخرى ترى أن الرواية بسبب أسلوب كاتبها، تصلح لكي تُدَرس في إفريقيا والعالم الثالث كنموذج للحياة وسط الحروب والصراعات، وتقول: «الكاتب في هذه الرواية لم يعالج قصة سامية الطفلة، والشابة، والبطلة الرياضية التي تصارع طواحين الوطن، بل كان يقدم قضية شعب يعاني الحروب والصراعات، إنها رواية تستحق أن تكون في المقرر الدراسي في إفريقيا، والعالم الثالث».
من جهته، يعلق قارئ آخر على النهاية قائلاً: «لم يكن إنهاء هذه الرواية هيناً، فقد أثارت الأوجاع والدموع، إنها رواية تنهيها فتنير الجزء المظلم في حياتك».
جريدة الخليج