أكد أن الاحتفاء بالفائزين يكتسب أهمية استثنائية لتزامنه مع «عام زايد»
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، الفائزين في الدورة الثانية عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، والتي جرت مراسم احتفالاتها أمس في منارة السعديات في أبوظبي.
وأكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أن الاحتفاء بتكريم الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب يكتسب هذا العام أهمية استثنائية، لتزامنه مع «عام زايد»، الذي تعيشه الدولة استجابةً للمبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام 2018 للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وإبراز دوره في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ووضع وترسيخ أسس نهضتها الحديثة وإنجازاتها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وذلك في تزامن مع مرور مئة عام على ميلاده «طيب الله ثراه».
وقال سموه إن تكريم رموز الأدب والثقافة والفكر ينسجم مع التقاليد الحضارية التي تسعى القيادة الرشيدة إلى تعزيزها ترجمةً لرؤيتها لبناء مجتمع المعرفة والابتكار والإبداع.
رموز معرفية
وقدّم سمو الشيخ منصور بن زايد التهنئة للفائزين وشجعهم على مواصلة العطاء بصفتهم القدوة الثقافية والرموز المعرفية لمجتمعاتهم، ورواد التنمية الإنسانية والفكرية، مشيداً بالقائمين على الجائزة، الذين يبذلون قصارى جهودهم لتكون الجائزة في مستوى وعظمة من تحمل اسمه، دعماً للثقافة العربية الأصيلة وترسيخاً لتقليد تكريم المبدعين والمميزين في عالم الكلمة الجادة والرصينة والفكر المستنير.
حضر الحفل معالي أحمد جمعة الزعابي نائب وزير شؤون الرئاسة ومعالي سلطان بن سعيد البادي الظاهري وزير العدل ومعالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة ومعالي ناصر بن ثاني الهاملي وزير الموارد البشرية والتوطين ومعالي زكي أنور نسيبة وزير دولة ومعالي الدكتور أحمد مبارك المزروعي الأمين العام للمجلس التنفيذي .
ومعالي اللواء محمد خلفان الرميثي القائد العام لشرطة أبوظبي ومعالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد رئيس دائرة الصحة ومعالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة.
ومعالي محمد عبدالله الجنيبي رئيس المراسم الرئاسية بوزارة شؤون الرئاسة وسيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، والدكتور علي بن تميم أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين والسفراء والدبلوماسيين، وحشد من الأدباء والمثقفين والإعلاميين.
نهج سليم
وفي كلمته الترحيبية في الحفل، قال سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وعضو مجلس أمناء الجائزة «يواكب الاحتفال بالجائزة هذا العام احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة بـ «عام زايد»، الوالد المؤسس، والأب الحاني، والقائد الذي خطَّ للدولة طريقاً واضحاً ونهجاً سليماً نحو التقدم والتنمية والرخاء حاضراً ومستقبلاً.
وكانت الثقافة وتقدير الكتاب من الركائز الأساسية التي تضمنتها رؤيته الشاملة للمستقبل، فوضع أسسها الراسخة، وتعهَّدها بالرعاية والنمو، إلى أن اكتملت لها كل أسباب النجاح والازدهار».
وأضاف غباش «إنه من دواعي سرورنا أن نتوجه بالتهنئة والتحية إلى هذه الكوكبة المتميزة من المفكرين والباحثين والمبدعين الذين فازوا بالجائزة هذا العام، آملين أن تكون حافزاً لهم إلى مزيد من العمل الجاد والمخلص على النحو الذي عهدناه فيهم».
وأعرب عن فخر دولة الإمارات العربية المتحدة بأن يكون تكريم المفكرين والمبدعين والباحثين الجادين، من بين التقاليد التي تحرص عليها منذ إنشائها، وألا يتوقف هذا التكريم عند حدود الدولة أو العالم العربي والإسلامي فحسب، بل يتسع لكل من يقدم إسهامات خيِّرة في أي مكان من العالم، وتنطلق الدولة في هذه الممارسة من الإيمان بالرابطة الإنسانية التي تجمع البشر على اختلاف أديانهم وألسنتهم وألوانهم وجنسياتهم وحضاراتهم.
إشراقات نادرة
من جهته قال د. علي بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب: «يقال إن الأيام تصنع الرجال، لكننا نجد في إشراقات التاريخ النادرة وإلماحاته المتلألئة، أن الرجال هم من يصنعون الأيام، والشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان أبرز أولئك الرجال. لقد علمنا برؤيته المتبصرة وقيادته الحكيمة ذلك الدرس الذي لابد منه للنهضة. درس يقول: إن الحاضر امتداد للأمس.
والمستقبل ثمرة الحاضر. ودرس آخر يؤكد أن الأمل يجب أن يبقى حاضراً فينا ونبراساً يضيء لنا الدرب. فنحن نرى مستقبلنا برؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبتربية الأمل التي زرعها فينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمل عظيم رسخه الشيخ زايد في وجداننا ومنه تنبع كل القيم العظيمة التي تصنع تقدمنا».
وأضاف «ها هو صوت زايد الهادر في زمانه وفي كل زمان يقول لنا: لا وجود للمستحيل، ما بقيت الإرادة متحفزة والأمل نابضاً.. وثمة لحظة تاريخية أخرى لا تقل إشراقاً وجمالاً، يوم وقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مخاطباً الشباب الإماراتي بقوله: أنتم أفضل منا، ونريدكم أن تكونوا أفضل منا.
كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في تلك اللحظة كما هو دوماً، يجسد حكمة الأجيال وجوهر القيادة الأصيلة التي تعرف أن تربية الأمل هي من أولى أولويات القيادة. وكأن سموه كان يقول للشباب إنكم أفضل منا بما تملكونه من طاقة إيجابية وبما توافر لكم من فرص ودعم وآفاق لم تتوافر بهذا الزخم والقوة للأجيال الماضية. أنتم أفضل لأنكم نتاج مجتمع المعرفة، وستكونون أفضل إذا أحسنتم استثمار اللحظة التاريخية وكنتم السباقين في مسيرة التنمية والبناء».
وتقدم بن تميم بالتهنئة إلى الفائزين في كل فرع من فروع الجائزة، ونوه بأن فوز معهد العالم العربي في باريس بجائزة شخصية العام الثقافية، يقدم مثالاً للدور المفصلي الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في جسر الهوة بين الثقافات والشعوب، وفي جعل الإبداع والفكر لغة مشتركة بين جميع البشر بصرف النظر عن معتقداتهم وأعراقهم.
كما تقدم بالشكر والتقدير لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، لتكريم الفائزين في هذا الحفل، وشكر أيضاً معالي رئيس مجلس أمناء الجائزة الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان ولأعضاء المجلس، ومعالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة، ومكتب الجائزة والهيئة العلمية للجائزة ولجان تحكيمها الذين حافظوا على موضوعية الجائزة وشفافيتها وحرصوا على كل ما يمنح الجائزة التميز والفرادة.
شهدت الاحتفالية عرض فيلمٍ حول رؤية الجائزة العالمية والإنجازات التي حققتها على مدار الأعوام الماضية، تقديراً لأهل الفكر والكُتاب والباحثين والمترجمين وأصحاب دور النشر المتميزة.
وألقى جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي بباريس، الفائز بجائزة شخصية العام الثقافية كلمة تقدير، قال فيها: «إنه لشرف عظم أن يتم تكريم معهد العالم العربي بجائزة شخصية العام الثقافية.
والتي سعدت بها كثيراً وأشكركم عليها. إن اسم الشيخ زايد، صاحب الرؤية العظيمة، يعتبر رمزاً لطموحاتنا المشتركة. إننا نفخر بالجهود التي تجمعنا بدولة الإمارات العربية المتحدة لتأسيس تحالف دولي لحماية التراث في مناطق الصراع (ألف)، وأتوجه بالشكر إلى محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي على دعمه المستمر لتلك الجهود. ونحن في معهد العالم العربي بباريس، سننضم إلى دولة الإمارات لإحياء عام زايد تكريماً لإنجازاته الخالدة للارتقاء بالثقافة وحمايتها انطلاقاً في دولة الإمارات».
وسلم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان الجوائز إلى الفائزين الثمانية هذا العام، وهم «معهد العالم العربي» الفائز بجائزة شخصية العام الثقافية، وتسلمها جاك لانغ رئيس المعهد الذي يتخذ من باريس مقراً له، والكاتب السوري خليل صويلح الحاصل على «جائزة الشيخ زايد للآداب» عن روايته «اختبار الندم»، والكاتبة الإماراتية حصة خليفة المهيري الحاصلة على جائزة «أدب الطفل والناشئة» عن كتابها «الدينوراف».
والروائي المصري أحمد القرملاي الحاصل على جائزة «المؤلف الشاب» عن روايته «أمطار صيفية»، والمترجم التونسي ناجي العونلّي الفائز بجائزة «الترجمة» عن كتاب «نظرية استطيقية» الذي نقله من الألمانية إلى العربية، والباحث المغربي محمد المختار مشبال الحاصل على جائزة «الفنون والدراسات النقدية» عن كتابه «في بلاغة الحجاج:
نحو مقاربة بلاغية حجاجية لتحليل الخطاب»، والباحث الألماني داغ نيكولاوس هاس الحاصل على جائزة «الثقافة العربية في اللغات الأخرى» عن كتابه الصادر بالإنجليزية «الشيوع والإنكار: العلوم والفلسفة العربية في عصر النهضة الأوروبية».
كما كرم سموه دار التنوير للطباعة والنشر لحصولها على جائزة «النشر والتقنيات الثقافية» وتسلمها حسن ياغي مؤسس الدار.
يذكر أن الجائزة أنشئت تقديراً لدور المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الرائد في التوحيد والتنمية وبناء الدولة والإنسان، وهي جائزة مستقلة تُمنح كل سنة للمبدعين من المفكِّرين، والناشرين، والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التأليف، والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية، وذلك وفق معايير علمية وموضوعية.
ويمنح الفائز بلقب «شخصية العام الثقافية» «ميدالية ذهبية» تحمل شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب وشهادة تقدير بالإضافة إلى مبلغ مالي بقيمة مليون درهم في حين يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على «ميدالية ذهبية» و«شهادة تقدير»، بالإضافة إلى جائزة مالية بقيمة 750 ألف درهم إماراتي.
ووزعت الجائزة على ثمانية فائزين هذا العام من أصل تسعة فروع بعد حجب جائزة «التنمية وبناء الدولة»، وتشمل أفرع الجائزة كلاً من جائزة الشيخ زايد للآداب والتي تمنح للمؤلفات الإبداعية في مجالات الشعر، والمسرح، والرواية، والقصة القصيرة، والسيرة الذاتية، وأدب الرحلات، وغيرها من الفنون. وجائزة الشيخ زايد لأدب الأطفال والناشئة وتشمل المؤلفات الأدبية، والعلمية، والثقافية.
المخصصة للأطفال والناشئة في مراحلهم العمرية المختلفة، سواء كانت إبداعاً تخييليّاً أو تبسيطاً للحقائق التاريخية والعلمية في إطار جذاب يُنمي حس المعرفة والحس الجمالي معاً. أما جائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب فتشمل المؤلفات في مختلف فروع العلوم الإنسانية، والفنون، والآداب، بالإضافة إلى الأطروحات العلمية المنشورة في كتب، على ألا يتجاوز عمر كاتبها الأربعين عاماً.
وتشمل جائزة الشيخ زايد للترجمة المؤلفات المترجمة مباشرة عن لغاتها الأصلية إلى اللغة العربية ومنها، شَرْطَ التزامها بأمانة النقل، ودقة اللغة، والجودة الفنية، وإضافة الجديد إلى المعرفة الإنسانية، مُعليةً التواصل الثقافي.
أما جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية فتشمل دراسات النقد التشكيلي، والنقد السينمائي، والنقد الموسيقي، والنقد المسرحي، ودراسات فنون الصورة، والعمارة، والخط العربي، والنحت، والآثار التاريخية، والفنون الشعبية أو الفلكلورية، ودراسات النقد السردي، والنقد الشعري، وتاريخ الأدب ونظرياته في حين تشمل جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى جميع المؤلفات الصادرة باللغات الأخرى عن الحضارة العربية وثقافتها، بما فيها العلوم الإنسانية، والفنون، والآداب، عبر حقولها المختلفة ومراحل تطورها عبر التاريخ.
وتمنح جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية لدور النشر، ولمشاريع النشر والتوزيع والإنتاج الثقافي الرقمية، والبصرية، والسمعية، سواء كانت ملكيتها الفكرية تابعة لأفراد أو مؤسسات.
وأخيراً جائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية تُمنح لشخصية اعتبارية أو طبيعية بارزة، على المستوى العربي أو الدولي، بما تتميز به من إسهام واضح في إثراء الثقافة العربية إبداعاً أو فكراً، على أن تتجسد في أعمالها أو أنشطتها قيم الأصالة، والتسامح، والتعايش السلمي.