الكتابة، بدءاً من القصد إلى النتيجة، فعل إيجابي، الكتابة التي هي سليلة الحرية والمسؤولية وغايتها العدل والإنصاف. الكتابة الصحفية اليومية، في النطاق الأضيق، تحاول المتابعة والمواكبة، نحو «اصطياد تعليق أو خبر أو ومضة». لذلك، فهي تسلط الضوء على نقاط قائمة أو مستجدة، وربما عمدت إلى ملفات ناقصة أو إلى استكمال. لا يعني ذلك إهمال المستكمل أو إغفال المنجز، فلا بد من أن يكون لهما نصيب، لكن الهدف الأول، أو هكذا ينبغي، تناول مواضع الخطأ والتقصير نحو التصويب ما أمكن، فكم يتاح ذلك في المطلق؟، وكم يتاح في بلادنا؟.
المقولة التي كادت أن تتحول إلى إرث أن سقف الصحافة في الإمارات أرفع من المستعمل، وكلما رددت تلك المقولة حظيت بالمزيد من التأييد. نعم لدينا قانون مطبوعات ونشر نحترمه ولا نتجاوزه، وإن كنا مجمعين على ضرورة تطويره وتغييره. نعم لدينا ميثاق صحفي يجب أن نحترمه ولا نتجاوزه، لكن حرية الرأي على المحك، ونحن، نحن -الكتاب والصحفيين- من يخفض السقف أو يرفعه في كثير من الأحيان، وفي التجربة أننا عانينا ونعاني كثيراً مشكلة عدم تدفق المعلومات بالشكل الصحيح والمطلوب، لكن حرية الرأي في حدود وعي المسؤولية أمر غير ذلك، وهي أكثر قبولاً، بل إنها ملائمة لا في أفق المقارنة مع الغير فقط، بل مع التاريخ وفي أفق تجربتنا العامة على مختلف الصعد، على التفاوت الأكيد بين مراحل التجربة؟
كما أن العمل قائم بكل جدية ومثابرة، فإن الخطأ وارد، بما فيه الخطأ جسيم، وكل من يعمل يخطئ، ولا يوجد عمل أو ملف كامل 100%، ومن هنا فإن النقد يوجه إلى الفكرة والإجراء والمؤسسة، وإن ذكرت أسماء أفراد فإنهم مخاطبون لا بكونهم متهمين، وإنما كونهم مسؤولين ومعنيين. التنبيه إلى الأخطاء ومواضع التقصير يصل، في المحصلة النهائية، إلى صناع وأصحاب القرار، فيكون ذلك الوصول سبيلاً إلى معالجة قضية أو حل مشكلة مواطن أو مقيم.
وكل القضايا التي تطرح في هذه الزاوية أو غيرها، مع رجاء ملاءمة سقف التوقعات، مطروحة للنقاش المجتمعي، فمرحباً بالردود، ومرحباً خصوصاً بردود المسؤولين المعنيين بالقضايا المطروحة، فمثل هذا التجاوب الغائب منذ زمن بعيد محل شوق بعيد أيضاً.
سقف الحرية أعلى؟ هذا أكيد، وقد أثبتت ذلك أعمال الصحفيين الإماراتيين والمقيمين منذ فجر الصحافة الوطنية، سواء في الخبر أو التحقيق أو الحوار أو الرأي، والمطلوب، في التقدير السوي، ترجمة الصحافة إلى لغة العمل والمحبة والإخلاص. نحن معنيون جميعاً بالوطن وقضاياه الداخلية والخارجية، وعلينا الإسهام في بنائه كلٌّ من مركزه ودوره. إننا في وطن متقدم ولم يصل إلى هذا المستوى من التقدم والتنمية إلا بالكلمة الصادقة تتوازى وتتزامن مع الفعل الصادق، وها نحن في السنوات الأخيرة نعمل، جادين، على تكريس بل «مأسسة» شعار الشفافية، فهلا مضينا أبعد من ذلك في أفق القانون والقيم؟ هلا عبرنا عن قضايانا وأحلامنا وتوقعاتنا بكل تصريح أو تلميح لكن من دون تجريح؟
هذا ما تحاوله «زاوية حادة» التي تنطلق اليوم.
جريدة الخليج