شاعت لماو تسي تونغ أقوال كثيرة. كان من أطرفها قوله: «دع ألف وردة تينع». «كان يتحدث عن ورد الاشتراكية. ذبلت هذه الآن وماتت. حل محلها ورد أو أشواك الرأسمالية. ولكن تبين الآن أن لها أيضا تنوعها حسب المناطق والظروف، كما وجد الباحثون، فلاحظوا نوازع الرأسمالية الأميركية. قالوا مثلا: عندك بقرتان. تبيع ثلاثا منهما إلى شركة عامة بكتاب اعتماد من بنك تملكه حماتك. تعقد صفقة تبادل، دين أسهم تؤدي لاسترجاع أربع بقرات مع إعفاء ضريبي لخمس بقرات. تنقل حقوق حليب ست بقرات إلى شركة وسيطة في جزيرة كيمان يملكها أشخاص وهميون يقومون ببيعها ثانية إلى شركتك العامة. يدون المحاسب القانوني في تقريره أن موجودات الشركة تبلغ ثماني بقرات مع عرض لشراء بقرة تاسعة. تبيع هذه البقرة الشكلية في البورصة لتشتري بها رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. تعلن الشركة امتلاكها تسع بقرات من دون صفحة حساب. يشتري الجمهور ثورا للقطيع.
هكذا تعمل الرأسمالية الأميركية. في الرأسمالية اليابانية: عندك بقرتان. تقوم بإعادة تصميمهما، حيث تصبحان نصف حجمهما الأصلي وتنتجان عشر مرات كمية الحليب السابقة. تقوم بإنتاج فيلم فيديو للأطفال عنهما. بطلته البقرة كاوكيموكا. وتسوّق الفيلم عالميا على شبكات الإنترنت والسينما.
أما في الرأسمالية الفرنسية: فعندك بقرتان. تقوم بإضراب عام وتتوقف عن حلبهما حتى تجهزك الدولة ببقرة ثالثة، وتضمها إلى الاتحاد العام لنقابات روث البقر.
الرأسمالية الألمانية: عندك بقرتان. تعيد هندستهما بحيث تصبحان قادرتين على حمل السلاح، وخوض الحروب الحديثة، واستعمال الروث والحليب عتادا لمدافع الدبابات.
الرأسمالية الإيطالية: عندك بقرتان ولكنك لا تعرف أين هما الآن، ولا في أي آن من الأوان. تستبدل بالحليب النبيذ وتعتبر ذلك معجزة من معجزات مريم العذراء عليها السلام.
نأتي إلى الرأسمالية الصينية: عندك بقرتان تستخدم ثلاثمائة امرأة لحلبهما. تذكر في تقرير الحزب الشيوعي السنوي أنه لا توجد بطالة في البلاد، وقد ارتفع إنتاج الحليب بمقدار ثلاثين في المائة. تعتقل أي صحافي يذكر عدد البقرات أو عدد الحلّابات.
ونأتي إلى الرأسمالية العراقية: عندك بقرتان. يجف ضرع البقرة الأولى من الخوف والقلق. يجري شنق البقرة الثانية في ساحة التحرير لقيامها بتخريب صناعة الألبان الوطنية.
وفي الرأسمالية الإيرانية: عندك بقرتان عجفاوان. لا تجد في البلد علفا كافيا لهما، وكانوا يوزعون حليبهما على المرجعيات. كلفوا الحرس الثوري برعايتهما في العراق باستعمال الحشود الشعبية. راحوا يستوردون علفا لهما من سوريا ولبنان. واستولت عليه عصابات «داعش» في الطريق.
وهكذا نجد كل هذا التباين العولمي عبر شبكات الرأسمالية من بلد إلى بلد، كل حسب ما يطيب له، وتسهل عليه فبركته وإعادة صياغته وتسويقه.
جريدة الشرق الاوسط