غاب عنا الصديق والمسرحي حميد سمبيج فجأة، فغابت عني الفرحة، كنتُ عنده بالأمس في بيته نحتفل معاً والأصدقاء بزواج ابنته، ونسمع تغاريد الفرح عالية، ولكن يبدو أنه لم يحتمل هذه البهجة التي لامست قلبه، كل هذه السعادة وبمساحة من السرور والانشراح التي ولجت حياته استشعرته وكأنه عصفور ابتل بالمطر حتى غرق فيه.
أيها العصفور الجميل المغرد في جنبات المسرح، ترسل أغنية هنا، فتشب هناك، لن تكون أغنيتك الأخيرة، بل سيتردد صداها في قلوب محبيك وقلبي الموجوع اليوم.. قلبي الحزين لأني فقدتك، لقد كنت أملي في المسرح، فكيف تركتني وحيداً فيه.
إنني أشحذ الصدق والحقيقة، فكيف تركتني يا حميد وأنا عندما أنظر إليك أشعر بالطمأنينة، وكأن الزرع كله ورد، واليابسة ماء، بل كأنك عصفور يغرد في السماء.. نعم خسرناك نحن وبقي الخاسر الأكبر هو المسرح.
سوف نذكر للآخرين أنك خير مثال للطيبة والتسامح، غير أنك أيقونة انطفأت مبكراً، وكأنك استنزفت طاقتك في سنوات معدودة، كان العمر قصيراً معك فبدت السنوات قليلة حتى في عمرها.
كنت واسع الطيبة، وكثير الابتسامة الصادقة، فأجزلت بحب في عطائك، حتى أصبحت شمعة منطفئة، ولكن عزائي أن الضوء لم يخفت ولم يتلاشَ، لأننا أصغينا إليك طويلاً، فلا تظن بأن سيرتك قد انتهت، بل إن هذه السيرة بدأت الآن، فمن عبير الورد فاحت حكاياتك، سوف نبدأها لنسردها الآن، تماماً كما كنت طائراً يشدو في المسرح وجناحاه صديقان للكل.
فآسف يا صديقي إن كنتُ قد شكوت لك هماً، وآسف يا رفيقي إن كنت بحت لك سراً، وآسف لأني حمَّلتك ما لا تطيق.
جريدة البيان