خلال شهر رمضان المبارك عرضت أغلبية قنواتنا الفضائية العديد من مسلسلات الدراما الخليجية المتنوعة شكلاً المتفقة مضموناً، والتي لا تختلف عن مثيلاتها مما قدم في السنوات الرمضانية المنصرمة أو غيرها من شهور السنة.
لم يخرج جلها عن التشويه المتعمد لطبيعة وروح المجتمع الخليجي، حيث عرض بعض منها مشاكل وقضايا ليست بذلك الارتباط الوثيق بالقضايا الحقيقية للمجتمع الخليجي، وجل الطروح كانت بمعالجات سطحية ضعيفة البنية الدرامية أو حتى سيناريو الحوار الذي يغلب عليه في جله الصراخ أو العويل، أو الحدة غير الطبيعية في الحوارات بين أفراد الأسرة الواحدة وكأن الأسر الخليجية في صراع دائم أو بعيدة عن التوافق المنطقي للحياة التي تتخللها كل الظروف من فرح وحزن ومنغصات وبهجة.
ما قدمته شاشات محطاتنا الفضائية كان شديد البعد عن حقيقة المجتمع ومشاكله وأفراحه وأتراحه، لم يمس قضاياه كما يجب، وإن مسها يكون المس بمعالجة ضعيفة للقضايا، يكون بشكل عام ارتجالياً غير موظف بالشكل المناسب الذي يخدم العمل ذاته أو يساهم في تسليط الضوء على ظاهرة تحتاج إلى علاج.
والمستغرب أن هذه المسلسلات وبذات النغمة والنبرة والحوارات الضعيفة والحبكة المتهالكة تتكرر كل عام، ويتكرر تهافت قنواتنا الفضائية على تقديمها للجمهور، وكأن تلك القنوات لا تعي الدور الحقيقي لها في تنوير وخدمة المجتمع والمساهمة في بناء وعيه وتماسكه، وكأن الهدف أن تكون ساعات البث كماً هي المحك الحقيقي لنجاحها، بعيداً عن الكيف ومستواه.
غابت الفكرة وغاب الحوار المنطقي السليم، وغاب الوعي والهدف، وغابت القضايا الحقيقية الملحة. غابت الأفكار النيرة. غاب السيناريو المترابط المحبوك بحرفية عالية وبلغة سليمة.
حضر الإسفاف والاستخفاف. حضر الارتجال. حضر الترهل والاستعجال. حضر «المط» والشد.
هل المشكلة في المنتجين الذين يجدون سوقاً رائجة لمنتجاتهم الضعيفة التي تتهافت عليها قنواتنا الفضائية دون وعي أو منطق، فيكررون ما يقدمون وبأي شكل ومستوى كان، أم المشكلة في قنواتنا الفضائية التي لا تعي دورها الإعلامي المجتمعي الحقيقي والهدف الحقيقي من وجودها بعيداً عن ملء ساعات البث بأي شكل من الأشكال.
إلى متى يستمر مسلسل الإسفاف والضعف هذا كل عام، وهل له من مخرج؟ سؤال نطرحه على مسؤولي قنواتنا الفضائية، فهل من مجيب؟
جريدة الخليج