الكثير من نجمات السينما المصرية اللاتي يمكن وصفهنّ بالرائدات، جمعن بين التمثيل والغناء في الأفلام التي كنّ بطلات لها، أو على الأقل صاحبات أدوار بارزة فيها.
كقاعدة، فضّل مخرجو أفلام الأسود والأبيض المصريون، الممثلات اللواتي يمتلكن حنجرة غنائية، حيث لم يكن من المتصور أن يخلو الفيلم المعني من الغناء، بل إن الكثير من الأغاني التي اشتهرت، وما زالت حاضرة حتى اللحظة وستحضر في المستقبل أيضاً، أديت أول مرة في الأفلام قبل أن تبثها الإذاعة، أو تقدّم في الحفلات الغنائية الحيّة.
لم يكن زمن ال «فيديو كليب» قد حلّ بعد، لذلك ظلّت أجيال من المشاهدين يتابعون الأغاني على الشاشة الصغيرة، كما صوّرت في الأفلام، حيث المزج بين التمثيل والأداء الغنائي، وفي ذاكرتنا جميعاً الكثير من الأغاني التي ما إن نسمعها حتى نستعيد مشاهدها في الأفلام التي أديت فيها.
في هذا السياق تحضر من بين الفنانات اللواتي جمعن بين التمثيل والغناء، أسماء شادية وليلى مراد وصباح ونور الهدى، حتى إن السيدة أم كلثوم نفسها ظهرت كممثلة، في بعض الأفلام التي قدمت فيها بعض أغانيها وينطبق هذا على السيدة فيروز أيضاً، مع أن الاثنتين لم تتميزا في التمثيل، فهما دخلتا السينما من باب الغناء أساساً بصفتهما مطربتين.
لم يقتصر الأمر على المطربات النساء وحدهن، وإنما شمل المطربين الرجال، فكيف لنا أن ننسى هنا أدوار الموسيقارين الكبيرين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش أو الفنان عبد الحليم حافظ وسواهم؟.
تداعياتنا هذه أتت من وحي حديث للناقد أشرف غريب في كتابه «أباطرة وسحرة: نجوم ونجمات السينما المصرية»، وتحديداً من الجزء المتصل بالفنانة هند رستم، حيث لاحظ الكاتب أنه لم يعهد لها بدور بطولة في السينما إلا متأخراً بسبب هذا العامل تحديداً، فلم تكن هند رستم صاحبة صوت غنائي، وبالتالي لم يكن بوسعها منافسة الممثلات – المطربات على أدوار البطولة.
ومع أنها دخلت السينما منذ منتصف أربعينات القرن العشرين، سوية مع فنانات شهيرات أخريات، لكنهن جميعاً سبقنها في الحصول على أدوار بطولة، حتى دفع بها المخرج حسن الإمام إلى دور بطولة فيلم «بنات الليل» عام 1955، بعد أن لفت تمثيلها نظره في فيلم «الملاك الظالم» الذي عهد فيه دور البطولة لفاتن حمامة قبل ذلك بعام.
يضيف أشرف غريب عاملاً آخر، هو ملامح وجه رستم المتأثرة بأصولها التركية، وهي الملامح التي لا تلائم أدوار الفتاة المنكسرة بطلة الميلودرامات.
جريدة الخليج