وجه السياب في مدينة الضباب

محمد المر

مفاجأة سارة ان تشاهد وجه الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب يطل عليك من لوحة بورتريه غريبة في معرض فني في لندن و في متحف التيت مودرن المعروف، و المفاجأة السارة الثانية ان تكون اللوحة من رسم الفنان السوري المميز مروان قصاب باشي، هذه اللوحة الفنية الفريدة كانت ضمن معرض جميل في متحف التيت وهو بعنوان: (اقتناص اللحظة، رحلة خلال الرسم و التصوير الفوتوغرافي) Capturing the Moment, a journey through painting and photography .


منذ بداية اختراع التصوير الفوتوغرافي في بداية العشرينات من القرن التاسع عشر إلى وقتنا الحاضر مرت العلاقة بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي بمراحل متعددة، وتجلى ذلك في ظاهرتين، الأولى تمثلت في ابتعاد الرسامين عن الرسم الواقعي لأن الكاميرا أصبحت تقوم بذلك العمل بشكل أكمل، وتطورت مدارس أخرى في الرسم مثل الانطباعية والتعبيرية والسريالية والتكعيبية والتجريدية و غيرها.
اما الظاهرة الأخرى فهي استخدام المصورين للكاميرا كبديل للفرشاة والألوان في التقاط صور فوتوغرافية تشبه اللوحات الفنية في مواضيعها وأجوائها.

معرض (اقتناص اللحظة) يقدم نماذج فنية متعددة وجميلة لتلك العلاقة المعقدة في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين بأعمال مختلفة لفنانين كبار يبلغ عددهم ما يقارب أربعين فناناً، فبالإضافة لعمل الفنان مروان قصاب باشي عن بدر شاكر السياب شاهدنا أعمالاً مبدعة لفنانين معروفين أمثال: كانديدا هوفر، وبيتر دويغ، وفرانسيس بيكون، ولوسين فرويد، وباولا ريغو، وديفيد هوكني وغيرهم.

وتتفاوت تلك الأعمال الفنية في أنواعها ومواضيعها من رسم زيتي وتصوير فوتوغرافي ومن لوحات بورتريه إلى لوحات مناظر طبيعية.
ونظرا لاتساع الموضوع فصعب على القيّمين على المعرض الاحاطة بجميع جوانبه، ولكن اجتهادهم كان موفقا في العديد من اختياراته.
بقى ان نقول ان الشاعر بدر شاكر السياب درس الأدب الانجليزي في العراق و تأثر بالشعر الانجليزي و خصوصا أشعار شكسبير وكيتس وأديت سيتويل و إليوت وغيرهم، كما أنه زار لندن في بداية الستينات من القرن العشرين للعلاج من المرض الذي أودى بحياته مبكراً بعد ذلك.


وكتب قصائد أثناء زيارته للندن، ولكنها كانت قصائد يائسة و حزينة و لا تدل على تفاعل ابداعي مع مدينة لندن و أجوائها الادبية و الفنية المميزة و الابداعية.

وجه السياب في مدينة الضباب – بقلم محمد المر