لقد عاش على أرض الإمارات أناس جاؤونا من أهلنا في البلدان العربية قبل قيام الدولة، وتواصل قدومهم عبر السنين التي أعقبت قيامها، واستمروا يقدمون لنا عصارة خبرتهم.
منهم أولئك الذين كانوا كالشمعة تحترق لتضيء للآخرين. أولئك هم المعلمون الذين كان لهم الفضل في تعليم أبناء الإمارات، فمسؤولونا، ووزراؤنا، وأطباؤنا، ومهندسونا، وموظفونا، ومعلمونا من المواطنين، بل أكاد أجزم أن كل من قرأ وكتب من أبناء الإمارات مر بهم ونهل من علمهم.
وهؤلاء منهم من رحل إلى رحمة الله، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة أمد الله في أعمارهم. ولقد ارتبطوا هم وأبناؤهم بهذه الأرض واعتبروها بلداً بديلاً لهم عن أوطانهم، وعلى الخصوص الأولاد الذين ولدوا على أرض الإمارات، وبها ترعرعوا ودرسوا وكونوا صداقات مع أبناء الإمارات.. ولا شك أو جدال في شغفهم بهذي الأرض وحبهم وإخلاصهم لها.
وبما أن الإمارات قد عدلت قانون الجنسية، لمنح المستثمرين والخبراء والعلماء جنسيتها، وهذه خطوة ريادية للاستفادة من خبراتهم وإثراء التجربة الاتحادية، فقد يكون من المفيد معاملة هذه الفئة من المعلمين وأولادهم بالمعاملة نفسها، جزاء ما قدمه آباؤهم وأمهاتهم في مجال التعليم، أو منحهم الإقامة الدائمة، ليتمكنوا من ممارسة حياتهم العملية بشكل انسيابي.
ويقاس على هؤلاء أبناء المهندسين والأطباء وغيرهم من أصحاب المهن الذين خدموا الإمارات.. والذين غدا بعضهم يحاول الهجرة إلى بعض البلدان الأجنبية للحصول على جنسيتها ثم يعود ليحصل على امتيازات أفضل، سيقول البعض إن الذين تتحدث عنهم خدموا وقدموا لكنهم تقاضوا مقابل ذلك رواتب وأموالاً.
وهنا يحضرني ما يروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما التقى أحد أحفاد هرم بن سنان ممدوح زهير بن أبي سلمى وقال له لقد قال زهير فيكم شعراً فأحسن، فرد عليه وكنا نعطيه فنجزل، قال عمر ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم. وهكذا هم المعلمون فما قدموه من علم أثره باقٍ في الأجيال أما ما استلموه فقد تم صرفه ونفد. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
جريدة البيان