لم يعد الوقت والجهد والموارد اللازمة لصناعة الكتاب ونشره تحديات تواجه قطاع النشر في الإمارات مع إسهام التحول الرقمي في توسيع هذه الصناعة وتعزيز نهضتها، حيث تقود قطاع النشر في الدولة رؤية مستقبلية يحفزها الابتكار ومبادرات رسخت مكانتها مركزاً إقليمياً موثوقاً بمنجزاته.
وتمثلت بعض منجزاتها في النشر في تنظيم معرضين دوليين سنويين للكتاب في أبوظبي والشارقة، إلى جانب معارض دبي والعين والظفرة، تلتقي على أرضهما أحدث المنتجات والفعاليات الثقافية، وتأسيس جمعية للناشرين الإماراتيين لتمثيل الناشر المحلي، وزيادة أعداد دور النشر الإماراتية، وإدخال آليات الطباعة المتطورة لرفع كفاءة العاملين في هذه الصناعة، فضلًا عن متابعتها العمل على تحسين ظروف المهنة، ومراجعة قوانينها لتوفير الحماية الكافية للكتاب والناشرين، بما يتلاءم مع التغييرات المؤثرة عالمياً، فقد رسمت الإمارات خريطة النشر بحرفية، من خلال تجهيز بنيتها التحتية، بما يلزم لدعم وحماية المؤلفين والناشرين، وتحفيز الصناعة تجاه النمو والإبداع.
وكانت الإمارات ومنذ تأسيس الاتحاد قد أصدرت عدة قرارات واعية بأهمية صناعة النشر والقراءة، بدأت بدخول التعليم ونشره بين الجنسين في كافة إمارات الدولة، ورفد قطاع النشر بمجموعة من القوانين الحامية للناشر والمؤلف، وإطلاق المؤسسات الثقافية والتعليمية الداعمة والمساهمة معاً في نشر ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع.
وجاء قرار عام 2016 والمتمثل في تخصيص مارس/آذار من كل عام شهراً للقراءة ابتكاراً إيجابياً واثقاً من أن الكتاب والقراءة عنصر حيوي من عناصر التطور والنهضة، مسجلاً تفاؤلاً لافتاً تجاه النشر، مستهدفاً بصناعته وعدد من الفعاليات نشر ثقافة القراءة وتحويلها من هواية نخبوية إلى نشاط مجتمعي وعادة يومية مألوفة بين الناس.
وتحولت صناعة النشر في الإمارات المدعومة بحزمة من الممكنات والفعاليات، مثل قانون القراءة ومبادرة تحدي القراءة وجوائز الإبداع الأدبي ومعرضين دوليين للكتاب ومدينة الشارقة للنشر، وغيرها الكثير من الفعاليات والمبادرات من المهرجانات والمعارض والمنتديات إلى أوتاد ودعامات للطموحات التنموية التي تقود التغيير في الدولة، وتستهدف نقل المجتمع إلى مستوى أكثر رفعة من الرقي الفكري والمعرفي.
وبرهن إعلان الاتحاد الدولي للناشرين في 2021 تنصيب الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيساً للاتحاد، لتكون بذلك أول امرأة عربية وإماراتية تتولى هذا المنصب، على ثقة العالم بما حققته الإمارات من منجزات في قطاع النشر، وانعكست هذه المنجزات أيضاً في عمل الشيخة بدور الدؤوب وجهودها المستمرة في دعم وتوسيع أنشطة جمعية الناشرين الإماراتيين لصالح النشر والناشرين.
وكان تتويج الشارقة «العاصمة العالمية للكتاب في 2019» كأول مدينة خليجية تنال هذا اللقب وتأسيس «المجلس الإماراتي لكتب اليافعين» ومؤسسة «ببلش هير» لتعزيز عمل النساء في قطاع النشر العالمي بعضاً من هذه الجهود المثمرة في هذه الصناعة.
وتتبع صناعة النشر اليوم المسيرة الإبداعية التي تترافق مع كل ما حققته الإمارات من منجزات لاقت نجاحات عالمية، فالنشر لا يتوقف عند حدود الأنشطة والمبادرات التي تمارسها المؤسسات الثقافية وتعنى بحضورها، لكنه اهتمام وحرص قيادي يدرك أهمية تعزيز الكتاب وقيمته ونتائج حث صناعة التأليف والنشر وتكييفها مع التطور السائد في جميع القطاعات، وهو ما يظهر جلياً في تجويد الصناعة وإنتاج كتب رائعة، وتشجيع المؤلفين لتصبح نهضة الكتب هي القوى الدافعة نحو التقدم المعرفي في الدولة.
وعلى الرغم من تخوف البعض من بطء التحول الرقمي في النشر عربياً، فإن التقارير العالمية تؤكد زيادة في استهلاك الكتب الورقية في العالم بسبب عدم تمكن العالم الرقمي من الاستيلاء على شغف الناس بالقراءة من الكتب الورقية
مسيرة إبداعية – بقلم باسمة يونس
جريدة الخليج