تحت شعار «الثقافة أسلوب حياة»، انطلقت يوم الأحد 23 أكتوبر 2022 فعاليات الدورة الخامسة من القمة الثقافية أبوظبي، التي تنظمها دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، بحضور نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، ومحمد خليفة المبارك رئيس الدائرة، وزكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، وبمشاركة ما يزيد على 180 من أبرز القادة العاملين في الحقل الثقافي من كافة أنحاء العالم، وذلك لاستكشاف مستقبل قطاع الثقافة ومناقشة الحلول الثقافية الإبداعية لأبرز القضايا العالمية الملحة التي تؤثر في العالم في العصر الحاضر، واستمرت الفعاليات حتى مساء الاثنين 24 أكتوبر 2022.
في جلسة حوارية حول تأثير الجائحة على الثقافة، قالت نورة بنت محمد الكعبي، إذا حدثت مشكلة في البرازيل أو العراق أو سوريا، فإنها بلا شك تؤثر فينا أيضاً، لأن الثقافة تعني إنسانية مشتركة، لذا يجب أن نعمل جميعاً على حماية الثقافة وتنوعها والحفاظ على تطورها، ليس فقط من خلال إصدار 10 تشريعات سياسية في السنة فحسب، بل من خلال تطبيق خطوات وسياسات عملية،
وأضافت أن القمة الثقافية تعد مثالاً لمنصة تجمع بين القطاعين العام والخاص والحكومي والأكاديمي لإيجاد مثل هذه السياسات والحلول العملية وتطبيقها على أرض الواقع.
وقالت الكعبي، علينا أن نضغط على زر الإنعاش بعد الجائحة، وعلينا أن نتشارك القيم الثقافية والإنسانية، لأن كل ما يحدث يؤثر في العالم، متسائلة كيف يمكن أن نشجع ثقافة التنوع وانخراط الجميع لحماية الإرث الثقافي العالمي، وكيف يكون مستقبل الأجيال المقبلة، وكيف نضع كل هذا في بوصلة واحدة؟ لا بد أن نستمع إلى بعضنا، ونعزز مشاركة القطاعين الخاص والعام وكافة فئات المجتمع.
وأضافت هناك العديد من التحديات، ولدينا أركان أساسية للاستراتيجية وعلى رأسها التعليم، فيجب أن يكون الفن والثقافة جزءاً من المناهج، فالثقافة الإماراتية شمولية ولها صبغة عالمية، وعلينا تعزيزها وتعليم اللغة العربية، فالتعليم يأخذنا للقطاعات التي ترعى المواهب، ويجب أن يكون لدينا استثمارات مباشرة وغير مباشرة في الثقافة، ونحمي حقوق الملكية بالتعاون مع جميع المؤسسات الثقافية ونحمي التراث، موضحة أن أبوظبي لديها صناعات ثقافية تسهم في الناتج المحلي، وجميع إمارات الدولة تتنافس في تحقيق الصالح من أجل الثقافة.
وقال محمد خليفة المبارك، أن جائحة كورونا ضغطت ناقوس الخطر، فالثقافة جزء لا يتجزأ من المجتمع، وعلى المؤسسات الثقافية أن تعمل معاً، وتتخذ خطوة للأمام، فما يحدث في أي بقعة من العالم يؤثر فينا جميعاً، وهذا هو المكان الذي نتعلم منه ونستخلص منه الدروس، فالثقافة هي ما يشكلنا، وليس فقط ما نفعله، وفيها رسالة أن كل صوت لا بد أن يكون مسموعاً، كما يجب أن تكون الثقافة مكوناً أساسياً في حياتنا، ونحن جميعاً في تعلم مستمر.
وأضاف لقد افتتحنا متحف اللوفر في أبوظبي، ونحن منفتحون على العالم، مستشهداً بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي اعتبر فيها افتتاح اللوفر منحة للعالم.
وأكد المبارك أننا يجب أن نستمع للجميع، سواء كانوا في إفريقيا أو في آسيا وأوروبا أو في أي بقعة من العالم، مؤكداً دور الجهات المعنية في وضع مخططات الدعم والحماية، وتوفير الفرص والحالة الإبداعية لهم.
وأضاف من أهم الأمور التي حققناها وخرجنا بها في أعقاب الجائحة، هي القدرة المستمرة على المشاركة والبقاء في الواجهة، لأن المخطط الذي ينجح في أبوظبي أو البحرين أو نيويورك، أو في أي مؤسسة ثقافية في العالم، لا بد من مشاركته بين الجميع والاستفادة منه.
كما تحدث إرنستو أوتون، مساعد المدير العام للثقافة في اليونيسكو، عن التقرير المشترك لمنظمة اليونيسكو ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي حول تأثير جائحة كوفيد-19 على قطاع الثقافة، مشيراً إلى أن التقرير قام بتقديم إرشادات حول ما هو مطلوب لتحديد الأهداف المرجوة، والثغرات التي ينبغي معالجتها اليوم، كما شدد على أهمية العمل على التصدي للتغير المناخي والحد من آثاره، لحماية أصول التراث الثقافي حول العالم، حيث تؤدي الكوارث الطبيعية إلى اختفاء العديد من المواقع الثقافية والتاريخية.
وتناولت ندوة حوارية أخرى «دور الثقافة في بناء مجتمعات مرنة ومشتركة» والتي أدارها زكي نسيبة، بمشاركة ثلاثة رؤساء دول سابقين، داليا جريبوسكايتو رئيسة ليتوانيا، وإيفو يو سيبوفيتش رئيس كرواتيا، وجويس باندا رئيسة ملاوي.
وقالت جويس باندا: «لقد عانينا خلال الجائحة من تحديات كثيرة، كانت تمثل تهديداً للاستدامة، فقد زادت نسبة الفقر والعنف المحلي والمنزلي، ولكن الأكثر صعوبة كان انهيار النظام المدرسي، حيث إن معظم أطفالنا حتى قبل الجائحة لم يكونوا يستطيعون الوصول للنظام الرقمي، فقمنا بتشغيل 3 مدارس وأغلقنا الباقي، فقد تعذر علينا متابعة التعليم أون لاين، مؤكدة أن أحد أكثر الطرق تعافياً هي أن نستثمر ونحشد الموارد من أجل مسيرة التعليم».
وأضافت علينا أن نركز على القبائل، وأن تكون حالة من الوحدوية لإحياء المجتمع، ولا ننكر أن أنشطتنا الثقافية تضررت أثناء الجائحة، وفي مجالات أخرى من العالم كان هناك إغلاق، وقد ساعدت الوسائل التكنولوجية على كسر الإغلاق، ولكن في إفريقيا لم يكن ذلك ممكناً، وفي ملاوي زاد العنف المنزلي في فترة كورنا ربما هي قضايا نفسية أو عقلية، وعلينا أن نتصرف كمجتمع عالمي تجاه تلك القضايا.
وقالت إيفو يو سيبوفيتش: «الثقافة يجب أن تحيا والجميع كان محقاً في اتخاذ إجراءات أكثر فعالية، لا يكفي فقط تخصيص الأموال يجب وجود استراتيجيات مهمة للتعليم والثقافة لتطوير حالة عقلية نعول عليها، لقد أبلت الدول الأوروبية بلاء حسناً في التعاطي مع الجائحة، فمعظم المعارض الفنية ظلت تتواصل ويمكن الوصول إليها إلكترونياً، لقد أثبتت الثقافة والفن أنهما أكثر قوة من الجائحة، وعلينا أن نناصر الأمور التي تخص الفنون والثقافة، ويجب أن نجمع المناطق الريفية معنا، وأن نعزز الثقافة في كل مكان».
كما ضمت فعاليات القمة قائمة من المتحدثين البارزين منهم الممثل الكوميدي والمذيع التلفزيوني الشهير تريفور نوح، كما اشتملت على مجموعة متميزة من الجلسات الحوارية، ومحادثات الفنانين، وورش العمل، وعروض الأفلام، والحوارات الإبداعية، والعروض الثقافية، علماً بأن فعاليات القمة لليوم الاثنين ستكون ضمن محور «الحياة الثقافية» كيفية تأثير الثقافة على الأفراد والمجتمعات من خلال منظور تغيير أنماط المشاركة الثقافية.
قالت داليا جريبوسكايتو رئيسة ليتوانيا السابقة: «كانت الجائحة عصيبة، ولكن من رحم التحديات تولد الفرص، اتفقنا جميعاً في ليتوانيا على خطط للتعافي والتمويل، ونجحنا خلال فترة الجائحة في التطوع ورقمنة التعليم، وشهدنا ثورة في الرقمنة ووصول الناس إلى التعليم، كما نجحنا في حل المشكلات خاصة النفسية والاجتماعية، ونعول كثيراً على الذكاء الاصطناعي والتعليم الافتراضي، فقد نجحت الجائحة في الارتقاء بمجتمعنا، وقمنا بإعداد حزمة من الأدوات لاسيما في الأوساط الأكاديمية».
وأضافت: كانت هناك آليات لتعويض الفنانين والمدرسين خلال فترة الإغلاق، وكان لدينا صندوقاً مخصصاً للتعافي في التعليم والثقافة، وقمنا بتجاوز تلك الفترة ونحن على استعداد تام لوصول جائحة كورونا، وليس فقط على الصعيد المالي، ولكن الاجتماعي كذلك، وعلى المجتمعات أن تولي أهمية لقضايا حقوق الإنسان.
مستقبل قطاع الثقافة ومناقشة الحلول الثقافية الإبداعية لأبرز القضايا العالمية الملحة على جدول أعمال القمة الثقافية