ليلى مراد.. صوت من السماء – بقلم فاروق جويدة

فاروق جويدة

أحببت كثيراً ـ ولا أزال – صوت ليلى مراد، وقلت يوماً: إنه لا ينتمي لأصوات الأرض، لأنه صوت قادم من السماء.. وكثيراً ما تحدثت عن ليلى مراد مع موسيقار الأجيال، وكان ظنِّي دائماً أن هناك إحساساً جميلاً كان بينهما ولكنه لم يفصح عن ذلك.

وبعد أن تزوَّج محمد عبدالوهاب السيدة الفاضلة نهله القدسي سمع أصواتاً على الباب، وسمع زوجته، وهي تطرد شخصاً، وتلقي أشياء جاء بها، وعادت ثائرة، فسألها: ماذا هناك؟.. قالت زوجته: إنها هدايا زواجنا من ليلى مراد.

وبعدها أيقن عبدالوهاب أن ليلى مراد يمكن أن تكون سبباً في طلاقهما في أيّ لحظة.

قلتُ: كان لدي إحساس بأن هناك قصة حب جمعت عبدالوهاب وليلى مراد، وفي فيلم غزل البنات بينها وبين الريحاني قدم عبدالوهاب أجمل ألحانه «الحب جميل»، «ما ليش أمل في الدنيا دي» والدويتو الشهير «علشانك أنت مع الريحاني» بصوته الأجش.

قلت: أحببت صوت ليلى مراد وكنت أراه صوتاً فريداً، وهناك أصوات كثيرة حاولت أن تقلد صوت ليلى مراد ولم تنجح، لأن ليلى مراد كانت غاية في التميز والتفرد.

ولا أزال أذكر أحاديثي مع عبدالوهاب حول ليلى مراد، وقد سألته يوماً عن أغنيته الشهيرة «من قد أيه كنا هنا.. من شهر فات ولا سنة»، وقلت له: -أشعر بأن خلفها ذكريات قصة حب حقيقية.. وأنها ليست مجرد أغنية.

صمت قليلاً ولم يعلق.

وبقيت ليلى مراد الصوت السماوي الراقي والممتع والرقيق يحلق بالعشاق في كل زمان، وهذه هي روعة الإبداع الجميل، وسوف تبقى صوتاً جاء من السماء أسعدنا وأطربنا، ولا يزال حتى الآن يعيش بيننا، ويذكرنا دائماً بزمن الفن الجميل.

كنت أحزن كثيراً كلما سمعت عن قصص حزينة في سنواتها الأخيرة، وظروف ماليه صعبة، وهي التي حصلت على أعلى أجر في تاريخ السينما المصرية في عصرها الذهبي.

ومن أجمل ما أبدعت ليلى مراد سلسلة أفلامها في العصر الذهبي للسينما المصرية، وقد تنوَّعت أفلامها بين الحب والقضايا الإنسانية والغناء.. وهي من أجمل ما أسعد عشاق السينما في عصرها الذهبي في عالمنا العربي.

كان القدر العجيب أن تعاني ليلى مراد ظروفاً اقتصادية صعبة رغم أنها جمعت أموالاً كثيرة في شبابها، وكان هذا مصير نجوم كبار عانوا نفس الظروف، أمثال: عبدالفتاح القصري، وعماد حمدي، ومحمود الشريف، وسعاد حسني وصباح، وبعد أن كانوا يعيشون المجد والثراء والبريق، انتهى كل شيء، وحلّت الوحدة وانسحاب الأضواء وانتهاء الشهرة.

صحيفة الرؤية