في زمانِ الكهوفِ الكتيمةِ في رحمِ الصخرِ
والناسُ في قاع محنتهم
يحلمون بأشياء غائمة..
(ربما كانتِ الألفةُ الرّعَوِيَّةُ
دفءُ الأمانِ الضنينِ
وجوعُ الضواري إلى جِيَفِ المُلْـك والافتراس
صوراً من ملامحها المقبلة)
.. في دياجير ذاك الزمان الحجر
والصقيعُ يلوكُ الدروبَ الحيارى
ويوشكُ أن يستبيحَ عقولَ البشر
كنت أعرفُ نفسي
كما كنت أعرفُ بيتي
وأعرفُ أهلي.. ودنيا فصيلتنا الشاردة
وبين الأسامي، أحبِّ الأسامي وأبسطِها
كان لي واحدٌ.. ثم أُنسِيت أحرفَه
رقَماً صرتُ في ملفَّاتهم – سادتي العظماء!-
رقماً من ملايين…
(ربما ذكَّرتهم قبيلَ هطولِ الكرى
بقطيعِ الخرافِ وطيبِ الشّواء)
إنني أحسدُ النملَ في عيشِـهِ..
فما زال نملا
والعصافير أغبطها.. فهي، بعد ، عصافير
وأنا صرتُ رقْما
المرايا تكذِّبني.. لستُ أعرفُ نفسي تماماً:
أهذي ملامحُ طيفٍ من الناسِ أعرفُهُ؟
أهذا حصادُ السنينَ – المراراتِ
ثورةُ جيلٍ كوته فلسطينُ واحترقتْ فيه؟
أم بقايا نقوشٍ على الصخر
في قاعِ مقبرةٍ دارسـة؟!
أهاتان عينا صديقٍ حميم..
ألِفْـتُ رؤاه وأشجانَه وتجاربَـهُ
في دروبِ الحياة؟
أم هما جرَّتان زجاجيتانِ
من الدمع محترقاً في صحارى المدينة
جحيمِ اليبابِ الجديد!
وهذي يدي؟
أهذي يدُ الأمسِ أم شاهدٌ حجريّ
من القبرِ يعلنُ موتي قبيلَ هلالِ الولادَه
ويحملُ رقْمي؟!
علي كنعان
شاعر سوري معاصر