«فريدا».. التي أُحِب – بقلم خلود الفلاح

خلود

عاشت الرسَّامة المكسيكية فريدا كاهلو (1907 – 1954) حياة مؤلمة، عاجزة تجلس على كرسي ذي عجلات متحركة، وقد دهمها المرض مبكراً، وعانت من شلل الأطفال.

وفي سن الـ18 تعرضت لحادث مروع خضعت على إثره لعمليات جراحية في عمودها الفقري وحوضها وقدمها اليمنى، وبقيت طريحة الفراش، ورغم ذلك، أنتجت أعمالاً عظيمة، أدخلت فيها الفن المكسيكي، منعطفاً جديداً في النصف الأول من القرن العشرين، بحسب الفنان دييغو ريفيرا.

في لوحاتها الفنية تجمع بين الأسلوب الواقعي والسريالي، مع أنها لم تنجز أكثر من 200 لوحة، وتلك اللوحات ساعدتها في الانتصار على الألم والعزلة وخيانات زوجها المتكررة.

في كتاب «فريدا: سيرة حياة فريدا كاهلو» الذي نقله إلى اللغة العربية المترجم علي عبدالأمير صالح (المدى ـ 2019)، يشير المترجم أن مؤلفة الكتاب هايدن هيريرا تسهب في سرد سيرة فريدا كاهلو، وهي لا تترك أي تفصيل من تفاصيل حياتها من دون أن تذكره، مثلاً تعقَّبت مشاجراتها مع زوجها، انفصالاتها عنه، والمصالحات بينهما، وإدمانها في اللحظات الأخيرة من حياتها على تعاطي الأدوية المخدرة.

أنا كقارئة من عشاق هذه التجربة الإنسانية العميقة التي تغلب فيها كائن وحيد وعاجز على الألم بالخطوط والألوان، ذلك لأنني مؤمنة أن الفنون والآداب يمكنها أن تفعل الكثير من الخير للبشرية.

بعد أن أمضت شهوراً طويلة بين جدران الغرفة، وتعاظم لديها الشعور بالوحدة والهجران، اختارت أن ترسم نفسها مرة بعد مرة، وأرجع البعض هذا السلوك إلى أنها كانت تريد أن تعرف ذاتها، وأنها ما تزال على قيد الحياة في وضع أكثر أمناً. وحتى لا يستطيع الموت أن ينتزعها من حبها للرسم وحبها لزوجها الفنان دييغوا ريفيرا.

في رسوماتها كائنات بشرية مشوهة، ونازفة، وجروح عميقة ما دفع النقاد الفنيين إلى تصنيفها فنانة سريالية أو أقرب إلى السريالية، حيث البراءة والعفوية واللاعقلانية والواقعية، وكل هذه الخطوط هي تعبير عن وجعها الإنساني الذي خبرته عبر ربع قرن من الزمن.

لم تكن هذه السيرة بالنسبة لي على الأقل مجرد كتاب، كانت تعني شيئاً مختلفاً.. سعادة من نوع آخر، ولم يستطيع الفيلم السينمائي (فريدا) الذي أُنتج عام 2002، وهو عبارة عن سيرة حياة فريدا كاهلو أن يحققها، أو كما قال مترجم الكتاب عن الفيلم «لم يشبع فضولي قط».

صحيفة الرؤية