عن أحاديث الأيام – بقلم د. عبدالعزيز المقالح

مقالح

لعل أشهَر أحاديث الأيام هي تلك التي أنجزها طه حسين في أيامه البديعة التي كانت، وستبقى صورة خالدة للأدب والتاريخ معاً، وهناك أدباء كبار كانت لهم أيامهم أمثال أحمد بهاء الدين، الكاتب الكبير الذي اتخذ من يوم الأحد موقفاً لكتابة أيامه، وكذلك طه حسين الذي أضاف إلى يومياته السابقة أحاديث الأربعاء، وقد استعرض فيها الأدب العربي منذ أوائل العصر الإسلامي، إلى أوائل العصر العباسي، وكانت أيامه هذه من أشهَر الأيام، وأهمها تأثيراً، وإضافة .

ومن الأيام التي لا تُنسى أيام أحمد بهاء الدين، التي سبقت الإشارة إليها- وقد سَجَّل فيها أحداث أيامه أولًا بأول، وكان حريصاً على أن يحافظ على الحقيقة بقدر ما يستطيع، فقد كانت أيامه تلك جزءاً لا يتجزأ من التاريخ، وربما أضافت إلى التاريخ ما أهمله التاريخ.

وكثيرٌ هم الأدباء والمفكرون الذين حاولوا أن يسجلوا ذكرياتهم، أو ما يمر بهم من هذه الأحاديث التي يشتاق إليها القارئ، ويعتبرها حالة من الكتابة الإبداعية، وقليلٌ هم الأدباء العرب الذين يفعلون ذلك ويهتمون بتسجيل أفكارهم، وأحاديثهم لغيرهم من العالَم الحديث، وقد اطَّلعت مؤخراً على يوميات أحد عشاق الأدب من الأدباء المبتدئين، وأدهشني ما ضمّت تلك التسجيلات من معلومات، ومشاعر، وكنت حاولت أنا أن أقلد هذا الاتجاه، إلَّا أن الظروف الصعبة كانت تحول بيني وبين ذلك، مع أن الأمور ميسّرة، ولا تكلف عناداً، إذ ليس من العسير أن يرصد الإنسان ما يمر به في يومه من أحداث بسيطة، أو جليلة، وما أسعدني بتلك الأيام التي قرأت فيها ما كتبه عمالقة الأدب، أمثال طه حسين، وأحمد أمين، ويحيى حقي، وآخرين، ولم تكن تسجيلات مسلية، أو باعثة على كسر الملل، بل كانت بمثابة يوميات ناصعة خلقت أجواء ثقافية ومهّدت لحركة أدبية شاملة.

   ومن المؤمّل أن الجيل الجديد قد وعى الدرس جيداً، وأصبح حريصاً كل الحرص على تسجيل الأحداث التي تمر بها أيامه، وطلائع هذا الجيل تؤكد ذلك، وقد بدأت ترسم تاريخها اليومي بكلمات واضحة، ودقيقة، ومؤكدة على هذا النهج الكِتابي الذي لا يفوته شيء مما لا يستحق الفَوات، ومما يستحق أن يكون جزءاً من تاريخ الإنسان المعاصر، وصورة من حياته اليومية، وما يمر به من أحداث صغيرة أو كبيرة، مملة أو مسلية.

د عبد العزيز المقالح

abdulazizalmaqaleh@hotmail.com

جريدة الخليج