قبل أسبوع، أقامت نوران بيكشرز، بالتعاون مع دار ورق للنشر والتوزيع، أمسية استثنائية للروائي البحريني الراحل فريد رمضان، وفيها أُعلِنت أسماء الفائزين بجائزة فريد رمضان للرواية العربية التي استحدثتها مسعى للنشر والتوزيع، ونوران بيكشرز.
لم يشأ لي القدر حضور الفعالية التي أقيمت في المحرق، بسبب الحجر الاحترازي بعد إصابة زوجي وابني بكورونا، لكنني كنت أتابع الحفل بشغف، خصوصاً أنه باسم صديق وأخ رحل في وقت غير متوقع، وأنني كنت عضواً في لجنة التحكيم في الجائزة، وكان من المقرر أن أتلو أسماء الفائزين.
كانت أمسية مختلفة، فيها كان «الفريد» حاضراً بروحه التي رفرفت على جميع من كان في المكان، ومن كان يتابعها عبر فضاء الإنترنت، فريد الذي لم يغب أبداً عن ذاكرة وقلوب محبيه، من أهل وأصدقاء وزملاء وتلاميذ، عرف كيف يجعل منهم أسماء بارزة.
قدم العرض الفني عطر الأصدقاء المأخوذ عن «نوران» لكاتبه فريد رمضان، عرضاً موسيقياً غنائياً شعرياً، جسد فنوناً متعددة لمخرجه خالد الرويعي، وموسيقى علاء غواص ومتابعة محمد حداد وإلقاء فاطمة محسن والرويعي وغناء محمد المرباطي وحسن حداد وسوسن الصائغ.
هكذا تجمع أكثر من صديق لخلق عرض يليق بيوم مولد «الفريد»، ويحمل الذكرى الثالثة على رحيله، وسط حضور كبير ممن أحبّوه وقدّروه.
كما عرضت مجموعة من لوحات الراحل الفنية وبعض كتبه في النصوص والرواية، ولوحات بورتريه رسمها أصدقاؤه، فيما زينت صوره مدخل البيت ووسط البهو، وأرجاءه، وعرضت صور سينمائياً، على جدران البيت الذي أقيمت فيه الفعالية.
ما لمس قلبي وأعادني لمشهد الفقد الأول، الرسالة التي تركها الفريد لأصدقائه بخط يده، وكانت معروضة في بروازها هناك حين كان يقول: «أيها الأصدقاء.. لا تأخذوا طريق المقبرة، ثمة مهام عليّ القيام بها قبل انحدار الغيم على عيني، وقبل شال الحرير الذي طار من على رأس أمي، توقفوا هنا في المقهى القريب، ضعوني فوق أقرب طاولة لنشرب معاً شاي الصباح على مهل….»
جميل هذا الوفاء لراحل مبدع وصديق استثنائي، ومعلم لا يتعب، وزوج أحب زوجته، وأب لا يقوى إلا على حب أبنائه، وجميل هو إصرار الكاتبة أمل عبدالوهاب زوجة الراحل التي كانت وراء كل هذا على التذكير باسمه لمن قد يكون سلا عنه، ولو لبرهة.
جريدة الخليج – عطر الأصدقاء.. عطر الفريد – بقلم سوسن دهنيم