أن تكون قادراً على رسم هوية متفردة لنفسك في ظل تشعب الفنون وتداخلها، ورغبة كل فرد في أن يجرب كل ما يمكنه فعله أو يظن، فذلك تحدٍ يتطلب شجاعة وإصراراً واستمرارية في العمل يمكن وصفه بالشغف.
هذا ما استطاعت نسجه الفنانة والمخرجة والشاعرة الإماراتية نجوم الغانم، التي استطاعت أن ترسم لنفسها ملامح واضحة في كل مجال من مجالات الإبداع التي مارستها.
وحين يُذكر اسمها كمخرجة، فإن المشاهد يعرف تماماً أنه سيكون أمام فيلم يُعنى بالبيئة أو المجتمع أو الإنسان بشكل أو بآخر.
قبل أقل من أسبوعين عرضت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية فيلماً وثائقياً للغانم لم يكن سوى خطوة أخرى في ترسيخ هويتها السينمائية التي أرادتها، ووسيلة أخرى لتقول للمشاهد كفى عبثاً بالبيئة والمجتمع من جهة، وتوضح مفاهيم عن الحياة الاجتماعية الإماراتية أوردتها في الفيلم من غير تقمص دور الأستاذ الذي ينفر منه التلميذ أو المصلح الاجتماعي الذي لن يستمع إليه أحد.
جاء الفيلم بعد جهد سنتين وأكثر، بعد إصابة تطلّبت العلاج لمدة نصف عام بسبب رغبة المخرجة في أن تتواجد روحها كما جسدها مع المشاهد. صور حياة اثنين من جامعي النحل، لكنه أدرج أكثر من شخصين وأسرتين حين جنح إلى تصوير اليومي والعادي والبسيط في حياة الجبال، فها هي الأسرة الإماراتية تجتمع لدى الجدّة مهما طال الزمن أو المسافة، كما هو الحال مع الحفيد الذي يواصل تعليمه في بريطانيا، لكنه يكون إلى جوار جدته في كل مرة يعود فيها للبلاد، والأبناء الذين يتعلمون مهنة آبائهم ليعلموها لأبنائهم على مر السنين والعقود.
ها هي المرأة الإماراتية قادرة على تحمل الصعاب، وقهر المستحيل، وخير مثال على ذلك عائشة بطلة الفيلم التي عاشت حياتها تتسلق الجبال وتجني العسل وترعى النحل كرعاية الماشية والنخيل.
ها هو الرجل الإماراتي كريم، كما هو في السابق يقيم الولائم كلما صادف لحظة سعيدة وهو ما جسده غريب اليماحي.
الفيلم يصور الحياة اليومية لجامعي العسل من خلال شخصيتين، والصعاب التي يواجهانها طوال رحلتهما ابتداء من معرفة أماكن النحل وصولاً لجني العسل.
كما يسلط الضوء على تأثير الغبار والتغير المناخي وأعمال الحفريات، على هذه المهنة وعلى حياة النحل بشكل أساس، نجحت خلاله المخرجة في إيصال رسالتها بشكل سلس، فهل تجد صدى لدى الجهات الرسمية ؟
عسل ومطر وغبار – بقلم سوسن دهنيم
جريدة الخليج