ربما وقفنا سابقاً، ونحن نتناول شأناً له علاقة بالأغنية العربية، عند من نريد أن نسميهم «الجنود المجهولين» في صناعة أمجاد أغانينا، التي طبعت مرحلة ثرية، ملهمة من تاريخنا الثقافي والفني، وما زالت تعيش معنا وستظل تعيش في المستقبل، ونعني بهؤلاء الجنود المجهولين كتّاب كلمات تلك الأغاني الرائعة. كُثر منا من يحفظون أغنيات أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ ونجاة الصغيرة وشادية وغيرهم، لكن القلة منا من يعرفون من كتب الكلمات العذبة، الشجيّة، لتلك الأغاني.
من منا لا يعرف أو يتذكر من أغنيات «العندليب الأسمر»: «زي الهوا»، «سواح»، «جانا الهوا»، «نبتدي منين الحكاية»، «موعود»، «أي دمعة حزن لا»، «حاول تفتكرني»، «مدّاح القمر»، لكن قلة منا من المهتمين فقط هم من يعرفون أن الشاعر الرقيق محمد حمزة، هو كاتب كل هذا الفرح، وكل هذا الشجن.
محمد حمزة الذي مرّت قبل أيام قليلة ذكرى وفاته، لم يكتب فقط كلمات أغاني عبدالحليم حافظ. ما من مطرب أو مطربة مهمة في زمنه لم يكن له، أو لها، حصة من شعر حمزة العذب، ومن هؤلاء نجاة الصغيرة، صباح، محمد رشدي، عفاف راضي، سميرة سعيد، هاني شاكر، وكاظم الساهر وأصالة نصري التي كتب لها كلمات «سامحتك».
تفيد النبذ المتيسرة عن حياته وإبداعه، أن انطلاقته في كتابة الشعر الغنائي ابتدأت عندما قدّمت فايزة أحمد من كلماته، أغنية «اؤمر يا قمر»، عام 1963، ومن أشهر الأغاني الوطنية التي كتب كلماتها «يا حبيبتي يا مصر» التي تألقت شادية في أدائها، ولشادية أيضاً كتب كلمات أغاني «عالي هناك في العالي»، «قطر الفراق»، «خلاص مسافر»، «آخر ليلة»، «قالي كلام»، «خدني معاك» وغيرها.
ولمحمد رشدي كتب كلمات «طايريا هوى»، «ع الرملة»، «بناديلك»، «متى أشوفك»، «لا لا يا الخيزرانة»، أما لوردة الجزائرية فكتب: «مالي وأنا مالي»، «العيون السود»، «خليك هنا»، «أنده عليك»، «ليل يا ليالي»، «روح يا هوى»، فيما كانت حصة صباح أغنيات مثل: «عاشقة وغلبانة والنبي»، «زي العسل»، «قابلت كتير»، «عدى عليا وسلم»، وكتب لنجاة: «الطير المسافر»، «ليلة م الليالي فاتونا»، «يا خسارة نسي».
لن يتسع الحيز هنا لتعداد الأغنيات التي كتبها محمد حمزة لأشهر المطربين والمطربات، والتي فاق عددها 1200 أغنية. ما ذكرناه هو فقط أمثلة تدل على مقادير العذوبة والفرح والبهجة والشجن التي أشاعتها كلماته في حياتنا.
صانع الفرح والشجن – بقلم حسن مدن
جريدة الخليج