بعض المشاريع الثقافية، وإن كانت صغيرة، أو في أول الطريق، إلا أنها مهمة جداً، فكرة قد تكبر وتصعد، إن استمرت واستمر دعمها واختيار الأقلام الجيدة والرصينة في الكتابة فيها وحولها، واختيار العناصر المحبة وذات الصلة بالموضوع والعارفة ببيئة العمل ومتطلباته.
إن فكرة سلسلة «أعلام من الإمارات» التي أطلقتها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، هي بالتأكيد رؤية وفكرة جميلة، وعمل يستحق الإشادة، وقد اطلعت على بعض إصدارات هذه المؤسسة الثقافية الرائدة، وباكورة ما تم الاشتغال عليه من أعمال جميلة ورصينة، بقلم مشهود له بالرقي والجمال في اختيار الكلمة والمعنى، ومن شاعر جميل عاش البيئة واندمج معها وفيها، ومحب أيضاً للعمل والاشتغال عليه بصدق، ولذلك جاءت أعماله وكتاباته ومراجعاته في غاية الجمال.
هذا ما حدث في السلسلة الثقافية الجميلة، التي قدمها الشاعر والأديب والإعلامي مؤيد الشيباني، حيث قدم لنا كتابين مهمين في سلسلة أعلام من الإمارات، حيث اشتغل عليهما بحرص شديد، وقدم الكثير عن شخصيات مهمة من مثقفي الإمارات الراحلين، وهي لمحة جميلة من المؤسسة، واشتغال جميل منه، إذ تناول حياة وسيرة وما قدمه الشاعر راشد الخضر، ونبش في الكثير من النصوص -القصائد- وأخذنا في رحلة مع الشاعر الإماراتي الفذ الكبير، الذي أثرى الساحة الثقافية الإماراتية بأجمل وأعذب القصائد التي ما زالت حاضرة، وتتردد أيضاً في وسائل الإعلام عبر الفنانين الذين تغنوا بها.
وراشد الخضر لا شك في أنه واحد من أروع من نظم القصيدة الشعبية الرقيقة والجميلة، وهو شاعر كتب عنه الكثير من مثقفي الإمارات، وما زال يستحق الكثير من الكتابة حوله وحول قصائده البديعة.
في أحد الأيام، سألت الراحل الصديق العزيز الأديب والشاعر ناصر جبران، وهو ابن عم الشاعر راشد الخضر، حيث أخبرني بأنه اعتذر عن الكتابة عن الشاعر راشد الخضر، وعندما طلب منه أحد الأدباء الإماراتيين، كان قد أعد كتاباً عن الخضر، وطلب من ناصر أن يكتب شيئاً عنه يضمنه كتابه، قلت لناصر، جميل ولمَ لا، إنه محق، وأنت الأقرب من الجميع، قال بأدبه وحلمه الجميل، لا. إني أخاف أن يقال إنه يمدح أو يجامل ابن عمه.
رحل العزيز ناصر جبران، وصدر الكتاب عن راشد الخضر، ثم جاءت سلسلة مؤسسة العويس الثقافية لتكمل ما تركته الكتب الأخرى عن راشد الخضر. وليس هذا فقط، ولكن سلسلة أعلام من الإمارات، تتناول أيضاً حياة وسيرة أديبة عزيزة وجميلة ورائعة تركت أثراً مهماً في الحياة الثقافية الإماراتية وفي مجال آخر، وهي القصة والمقالات الأدبية، وأيضاً بقلم الشاعر مؤيد الشيباني، حيث قدم لنا دراسة جميلة وبديعة، تتبع النصوص التي قدمتها الراحلة الأديبة والقاصة مريم جمعة فرج، فقد تابع بالكلمة والحرف والمعنى وصدق القراءة والتحليل كل نصوص مريم جمعة فرج، وقدم لنا أيضاً معلومات مهمة عن سيرتها وحياتها الاجتماعية والثقافية والأدبية.
إن أعمالاً كهذه السلسلة هي مشاريع جميلة في المجال الثقافي، ورافد مهم في الساحة الثقافية للأجيال الجديدة، تمدهم بالمعلومة والمعرفة، وثقافة الإمارات ومثقفيها، وهو اشتغال جميل نرجو أن يستمر من دون توقف، وبخاصة رصد حياة وسيرة بعض مَن رحلوا من مبدعي الإمارات.
سواحل – بقلم إبراهيم مبارك
جريدة الاتحاد