هل حقاً البيئة تتغير شيئاً فشيئاً، ورويداً رويداً، ونحن نعتاد على درجات التغير التي تأتي مع الأيام، وتأثير الكثير من الوسائل في حياتنا اليومية؟
هل شعورنا بالمحيط وتبدل الظروف والمناخات يعطينا انطباعاً مختلفاً عن الماضي؟
ثم هل الأجيال الجديدة تعرف الظروف والحياة المتوافقة مع البيئة قديماً؟، أم أن كل ذلك وهم وتصور بعيداً عن رِتم الحياة التي تأتي وتتكرر مثل ماضي الأمس، ولكن المحيط وحده الذي أخذ في التبدل؟!..
هل الرياح التي نعرفها آخذة في إعطائنا إحساساً مختلفاً عن ماضي الوقت؟، هذا السؤال الذي يأتي بعض الأوقات عندما ندخل إلى فصل جديد في حياة اليوم، الآن يدخل القيظ واشتداد الحرارة في الإمارات، ثم تمضي الأيام ليأتي فصل آخر.
لا نشعر بالتغيير في مصادر الرياح، رِتم يكاد يتكرر كل يوم، أحسب أن الماضي وعلى الرغم من تطابقه مع حاضر الوقت، كان الشعور فيه قوياً بالمتغير على مستوى الرياح، حيث لكل فصل أو موسم حراك مختلف في الرياح، قوتها أو انخفاضها أو عدم تأثير الهبوب الخفيفة التي تأتي في موسم القيظ.
وحده هبوب السهيلي علامة واضحة وقوية ومختلفة، قد يفتتح موسم الصيف أو يختتمه، وقد يكون قوياً وعاصفاً يأتي برمال الربع الخالي ليوزعها على الأمكنة والناس ويصطحب معه حرارة شديدة ولهيب قلب الصحراء، وينفث حرارته في الأرض والسماء، يعصف بالأمكنة والمباني والمزارع، وتتولى الشمس إرسال أشعتها القوية الحارقة.. تتحد مع رياح السهيلي، فلا يستطيع النخيل غير أن يعجل في طرح ثمار الرطب سريعاً، ويكثر في عذوق النخيل والأسواق.
وللسهيلي تأثير قوي على الإنسان قديماً، فقد يشل حركته وعمله ونشاطه، ويطلب الظل أو الاحتماء بالمنزل لتفادي لهيب رياح السهيلي.
ذلك الماضي والحرارة والرياح الحارقة هزمها تطور الحياة والمدينة الجديدة والأسواق الحديثة، بل هزمتها الكهرباء.
ولذلك لم نعد نشعر بالهبوب الحارقة، ولم يعد السهيلي كما كان قديماً، بل أحسب أن تحولاً حصل فعلاً في المناخ والبيئة.
وهذا جعلنا نتساءل: أين رياح السهيلي الذي عرفه الآباء والأجداد ونحن أيضاً؟
هل توقف تماماً أم أنه يخاتل الوقت وسوف يأتي وقته، حيث ما زال هناك وقت طويل لطلوع نجم سهيل، وبعيداً نحن عن «رق الليل»، كما يقول المثل المحلي «إذا طلع سهيل رق الليل».
في الإمارات بعض الرياح فاصلة ومعروفة، لها إرث طويل في حياة الناس وهي مهمة وذات دلالة قوية على الإنسان في الساحل، نذكر أهمها باختصار، وهي: ريح الكوس وريح الشمال، وهبوب ريح الغربي وريح السهيلي، هذه الرياح الرئيسة لها مكانتها وتاريخها في حياة الناس.
السهيلي الذي نتحدث عنه له خصوصية وعلامة فاصلة في تبدل الوقت.
جريدة االتحاد