في نفس تلك السنة كان ابن الشارقة، الفتى يومها، عبدالرحمن الجروان، أحد الوجوه البارزة في نادٍ رياضي أطلقوا عليه، في البداية، اسم «النادي الشرقي»، وهو إحياء لنادٍ سبقه حمل الاسم نفسه ولم يقدر له الاستمرار.
لحاجة النادي الجديد للدعم، قرر مؤسسوه والناشطون فيه أن يقصدوا الشيخ زايد في أبوظبي ليلتمسوا دعماً من سموه لناديهم، فقطعوا الطريق الذي لم يكن قد عُبّد بعد، حتى وصلوا إلى ديوان الشيخ زايد في أبوظبي، وهناك علموا أن سموه غادر إلى العين، وأنه سيمكث هناك بعض الوقت، وبعد تشاور فيما بينهم قرروا أن يقصدوا سموه في العين رغم معرفتهم بوعورة الطريق، خاصة وأن السيارة التي قدموا فيها من الشارقة لم تكن ذات دفع رباعي.
بعد رحلة شاقة بلغوا مجلس الشيخ زايد في منطقة المقام بالعين، ولم يواجهوا صعوبة في اللقاء بسموه، حيث رحب بهم أجمل ترحيب، وأوعز بالاستجابة لطلبهم، وأمر سكرتيره المرحوم السيد بطي بن بشر بأن يوفر لهم سيارة تأخذهم في جولة بمدينة العين، ومخاطباً الشبان الآتين من الشارقة قال الشيخ زايد: «لازم تشوفوا بلادكم».
هذا بعض ما يرويه الأستاذ عبدالرحمن الجروان، المستشار في ديوان صاحب السمو حاكم الشارقة، في مذكراته التي صدرت في كتاب من «منشورات القاسمي» في الشارقة بعنوان: «أيام وذكريات».
وفي عبارة الشيخ زايد تلك رأى الجروان «تبشير بالاتحاد» الذي تشكل بعد سنوات بالفعل، وسيغدو كاتب المذكرات نفسه أحد الكوادر الإماراتية التي ساهمت بدورها في دولة الاتحاد، حين أوكلت إليه مهمة وكيل وزارة الخارجية.
في هذه المذكرات نتعرف إلى سيرة شاب إماراتي، هو ابن جيل نشأ في مناخ عربي مليء بالوعود والآمال، وعلى رحلته في الحياة، من تلميذ في مدارس الشارقة، إلى طالب في جامعة بغداد، إلى رجل دولة. ومن خلال هذه السيرة نتعرف أيضاً إلى التحولات المهمة في دولة الإمارات منذ تأسيسها، والمواقف الحكيمة للشيخ زايد، رحمه الله، وكذلك على جوانب مهمة مضيئة من سيرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الحاكم المثقف، والقريب من مواطنيه، الحريص على عيشهم الكريم وسعادتهم.
جريدة الخليج