يوجد في العالم سبعة آلاف لغة، منها ما هو معروف ومنها ما هو مجهول، لعدم تداوله إلا في أقاليم محدودة، وهذه اللغات هي أيقونات لفكر أصحابها وثقافتهم ومنجزهم كما هي جسور للتواصل مع الآخر الذي سعى جاهداً إلى سبر أغوار هذا العالم وإيجاد وسيلة للتخاطب مع البشر، سواء في رحلاته ولقاءاته أو في قراءة الأدب الذي يعتبر وسيلة عذبة لقراءة المشاعر والتجارب وسرد الحكايا.
نشطت ترجمات الكتب والروايات إلى العربية بشكل كبير فعليها إقبال واسع من القراء لسحر عالمها وكتّاب لهم بصمتهم وتأثيرهم، ومنهم عرب كتبوا بلغات أخرى كأمين معلوف الذي كتب بالفرنسية وإدوارد سعيد الذي ترجمت أعماله من الإنجليزية للعربية.
عادة ما تتم أغلب الترجمات من اللغة الإنجليزية إلى العربية، وليس من لغة الكتاب مباشرة وهذا خطأ فادح تضيع معه روح الكتاب الأصلية، لذلك دعا المختصون بالشأن الثقافي من إيطاليا وإسبانيا وتركيا وغيرها عبر منصات كثيرة إلى ضرورة ترجمة الكتب من لغتها الأصلية إلى العربية دون لغة وسيطة وبالعكس.
قال سيد أحمد علي بلال، مترجم كتاب «تصوف» لكزنتزاكس: «إنها الترجمة الأولى لكزنتزاكس التي تتم مباشرة من اليونانية إلى العربية ولم تمرّ بالإنجليزية، ويعتبر الكتاب نصاً فلسفياً شعرياً للروائي المعروف للعرب بروايته«زوربا اليوناني» ومن ثم أعماله التي تفوق ثلاثين عملاً أدبيّاً ترجم معظمها للعربية، حيث ظلّ نيكوس كزنتزاكس ملتصقاً بالتجربة يتعلم ويُعلّم منها وهو الذي عاش الحربين العالميتين الأولى والثانية، وظل كما يقول المترجم أميناً في دعوته للسلام حيث، حصل على جائزة السلام 1956 من مجلس السلم العالمي ووجدت له مراسلات مع الزعيم الهندي المهاتما غاندي.
وصف المترجم كزنتزاكس بأن روحه تخطت الحدود الضيقة للغة اليونانية وفاضت على اللغات الأخرى بإبداعها المتنوّع، لذلك استمتع كثيرون حول العالم بفلسفته وفكره وعلمه.
الترجمة خيانة غير آثمة وسرقة أمينة وإعادة ولادة لحياة أخرى وعت لها الحكومات والمؤسسات الثقافية، وعدد من الجهات التي كرست جوائزها تقديراً وتحفيزاً على الترجمة، والتي وعت ضرورة تصدير مبدعيها للآخر.
الجوائز العالمية التي اعتنت بالترجمة شجعت على ترجمات متميّزة وكرّم معظمها مترجمين عالميين، من تلك الجوائز ما هو تنافسي ومنها التقديري، منها جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة التي كرّمت أجانب وعرباً في بلدان كثيرة، مشروع «كلمة» للترجمة وجائزة الشيخ زايد للكتاب وغيرها من مشاريع ومبادرات.
في الترجمة تتحول الكتب لطيور مهاجرة، والمترجم هو عرّاب ولادة النصوص من جديد، ونحن مسافرون كالنوارس نتلوّن بالبحر وبالحرف والشعر على متن ترجمات مسافرة لا تحتاج إلى تصاريح عبور.
ترجمات مسافرة – بقلم ميسون أبوبكر
العويس الثقافية ، اصدارات العويس