لم تؤثر تداعيات كورونا في أداء بيوت الشعر العربية في العاصمة الأردنية عمّان، والأقصر، ونواكشوط، والقيروان، والسودان، والمغرب، فقد أطلقت هذه البيوت ومن خلال برامجها المنتظمة منصّات إلكترونية لمواكبة الفعل الثقافي والمشاركة فيه، وذلك بتنظيم أمسيات شعرية وندوات أدبية قنواتها العملية هي وسائل التواصل الاجتماعي، ولوحظ من خلال هذه القنوات تفاعل الكتّاب والمثقفين العرب مع أنشطة بيوت الشعر في وقت تحوّل فيه أي نشاط من هذا النوع إلى ما يُسمّى «عن بُعْد».. القراءات الشعرية «عن بُعْد».. والندوات أو الملتقيات «عن بُعْد»..، وهو أداء ثقافي استثنائي مؤقت، إلى حين زوال هذه المحنة الوبائية، وعودة الحياة الثقافية المحلية والعربية إلى إيقاعها المتعارف عليه قبل تداعيات الوباء.
على أيّ حال وفي هذه الظروف الطارئة، فإن المهم هو أن لا تتجمد الأنشطة الثقافية وأن لا تتأثر سلباً بتداعيات الوباء.
الملاحظ أيضاً أن الوباء فرض لغته على الشعر بمعنى أن بعض النصوص التي ألقيت على المنصات الإلكترونية لبيوت الشعر العربية حملت موضوعات راهنة من قلب الحياة اليومية للناس وللوباء مثل الحجر، والعزلة، ثم الوباء في حدّ ذاته، وما نشره من شعور فردي وجماعي بالخوف، ثم القلق العام الذي أخذ صيغة وجودية كأنها قاسم مشترك بين الشعراء.
بيوت الشعر العربية، وبالتنسيق مع دائرة الثقافة في الشارقة وبيت الشعر في الشارقة نظّمت أيضاً عبر منصات إلكترونية ندوات تعريفية بجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي، واستضافت عبر الفضاء الإلكتروني شعراء ونقاداً عرباً تحدّثوا عن الجائزة، ودورها الثقافي في تقييم وقراءة الشعر العربي، ووضع تجاربه وظواهره الفنية واللغوية والأدبية في سياقاتها النظرية والتطبيقية، وهذا الدور هو ما يقوم به نقاد عرب متخصصون ومثقفون ثقافة شعرية رفيعة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد نظم بيت الشعر ندوة تعريفية بالجائزة شارك فيها الشاعر التونسي المنصف الوهايبي الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب قبل شهور قليلة.
ولفت الوهايبي إلى عنوان الدورة الأولى من الجائزة وهو نقد الشعر من البلاغة إلى المناهج الحديثة، ما يعني أن الجائزة إلى جانب كونها تكريماً مستحقاً للناقد الباحث المجتهد، هي أيضاً تعميق لثقافة النقد الأدبي المتخصص بقراءة الشعر العربي حديثه وقديمه.
بيوت الشعر العربية ما تعززه من جماليات وثقافة وأفكار حول ديوان العرب، هي في الوقت نفسه امتداد لمشروع الشارقة الثقافي في بُعده العربي الفكري والإبداعي والمعرفي.
جريدة الخليج