هو أحد أهم الكتّاب والأدباء المصريين المعاصرين، كما يعدّ من رواد الرواية في مرحلة ما بعد نجيب محفوظ، وقد صنّفت روايته «الحرب في بر مصر» رابعة ضمن أفضل 100 رواية عربية؛ إنه الأديب والناقد يوسف القعيد الحائز جائزتي: «الدولة التقديرية في الآداب» و«مؤسسة سلطان بن علي العويس».
في حواره مع «البيان»، تطرق القعيد إلى جملة قضايا تفصيلية ومسائل حيوية في صلب الثقافة العربية وتحدياتها، مؤكداً في مستهل حديثه، أن دعم دولة الإمارات يُكسب الحراك الثقافي زخماً نوعياً، وأن الجوائز الأدبية الإماراتية تحفز الروائيين والكتاب العرب لتقديم نتاجات متميزة. كما يوضح القعيد في الحوار، أن النهوض بمهام إحياء الثقافة العربية ومسيرة الحضارة، مسؤولية مشتركة، لا بد من أن تشارك بها جميع الدول والمؤسسات والجهات.
كيف تنظر إلى العلاقات الثقافية الحالية التي تجمع بين مصر والإمارات العربية المتحدة؟
أرى أن العلاقة بين البلدين حالياً في أحسن مستوياتها، فهما دولتان مهمتان في المنطقة العربية، وشعبان متحابان، وعدد كبير من المصريين يعيشون في الإمارات، وأيضاً من الإماراتيين من يعيشون في مصر ويلقون أحسن التعامل، فالإمارات دولة شقيقة لم نرَ منها إلا كل الخير.
وعلى الجانب الثقافي هناك حالة خاصة، فحين ننظر إلى برنامج معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي من المقرر أن يفتتح خلال أسابيع قليلة، سنجد مشاركات إماراتية كثيرة عن أي دولة عربية أخرى، وإذا نظرنا إلى الاحتفالات الأدبية في الإمارات، وهي متعددة، فسنرى وجوداً ضخماً للناشرين المصريين، إضافة إلى الأدباء والكتب التي يتم الترويج لها هناك، لنجد أن المشاركة المصرية هي الأولى عربياً، وربما عالمياً، وبالتالي فالعلاقات الثقافية المصرية تعد مثالاً، ونتمنى أن تزداد عمقاً ونمواً خلال السنوات المقبلة.
زخم ثقافي إماراتي
قدمت الإمارات منذ عام 2007 العديد من الأنشطة الثقافية للعالم العربي.. كيف ترى هذا التطور؟
أرى أن هذا التطور الكبير كان من الطبيعي أن يحدث، فالإمارات دولة تهتم بالجوانب الثقافية وتعمل دائماً على أن تكون في مصاف الريادة في مجالات متعددة، وكان نتيجة ذلك وجود عدد كبير من المحافل الثقافية التي نتج عنها زخم ثقافي؛ سواء في دبي أو أبوظبي أو الشارقة، بالإضافة إلى الفعاليات الأخرى في الكثير من دول الوطن العربي.
ما رأيك بحركة «الترجمة عن العربية» التي قادتها الإمارات وتبعتها بها مصر؟
نحن لدينا حركة بدأت هذا العام، والهدف منها هو ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أخرى، وهذا مشروع مهم، تأخر كثيراً، ولكن الأهم أنه حدث، وأرجو أن يستمر ويتقدم.
كيف ترى دور الجوائز الأدبية الإماراتية في دعم الثقافة العربية؟
بالطبع لها دور كبير في ازدهار حركة الثقافة بالوطن العربي، حيث إنها تعتبر محفّزاً كبيراً للكتّاب لبذل قصارى جهدهم للحصول على تلك الجوائز من ناحية التقديرين المعنوي والمادي، وهذان العاملان يشجعان الكتّاب والرواة على التميز والإبداع.
واقع الثقافة العربية
ما رأيك في واقع الثقافة العربية ومستقبلها؟
أرى أن واقع الثقافة العربية ليس بأفضل حال حالياً، فهو في تراجع عن ما كان به في السابق، وعلى جميع المثقفين أن يعوا ذلك، وأن تحدث عملية الإفاقة سريعاً، حتى لا نظل في هذه السحابة السوداء على الواقع الثقافي، ولكي نصبح في مستقبل أفضل ثقافياً.
وماذا عن الوضع الثقافي المصري حالياً؟
أرى أن الوضع الثقافي حالياً يحتاج إلى حراك من المثقفين واتحاد الكتّاب والمجلس الأعلى للثقافة، يجب أن يكون هناك مؤتمر كبير لندرس من خلاله حال الوسط الثقافي المصري في الوضع الراهن، وما الذي ينقصه وما يحتاج إليه لكي تعود الثقافة المصرية إلى سابق عهدها رائدة ليست في المنطقة العربية وحدها، ولكن في العالم الثالث بشكل عام.
برأيك.. لماذا وصل الوضع إلى هذا الحد؟
هناك أسباب ذلك متعددة وكثيرة، ليس من المهم أن نعلم أسبابه، ولكن الأهم أن نخرج من هذه المرحلة بشكل سريع، وبأقل الخسائر الممكنة، وذلك لأن مصر دولة رائدة، وتحتاج إلى أن تعود كذلك.
كتّاب شباب
برأيك.. ما الذي يحتاج إليه الكتّاب الشباب من تحفيز ورعاية؟
أن يكون هناك دور نشر ذات سياسات قوية تساعد الشباب على الانتشار بخطة واضحة، وأن يكون هناك دعم مادي ومعنوي للشباب من حكوماتهم لتساعدهم على استكمال مسيرتهم الأدبية من دون النظر إلى متطلبات الحياة التي قد تشغلهم عن العملية الإبداعية.
قدمت عدداً من الأعمال الفنية.. ترى لماذا ترك فيلم «المواطن مصري»، الذي كتبت قصته، أثراً كبيراً مع الجمهور عن غيره؟
لأن هذا الفيلم تم بناؤه على أساس أنه عمل ينطلق من واقعة حقيقية ورواية مكتوبة بعناية وجهد الأيام الأولى، وأيضاً الله كتب لي أن يخرج العمل شخص عظيم مثل الراحل صلاح أبوسيف، وقدم السيناريو والإعداد الفني الكاتب محسن زايد، وقدم إضافات غير عادية لما كتبته من نص، يترك أثره حتى الآن، لأنه تم طرح القضية بصدق وموضوعية وبدرجة عالية من الإحساس بالوطن، وتم اختيار الرواية التي بني عليها الفيلم ضمن أفضل 100 رواية في القرن العشرين عربياً.
الرواية الفنية
بعد ما حققته من نجاح في المجال الفني.. لماذا أنت مُقل في الأعمال الأدبية؟
لا يقع الخطأ على عاتقي، ولكن العيب يأتي ممن يقومون بتحويل الروايات إلى أعمال فنية، من منتجين ومخرجين، فليس من الطبيعي أن أطرق الأبواب وأتودد لكي يتم تحويل رواياتي إلى أعمال فنية، فالمسؤولية تقع على عاتق الصناع.
هل يمكن أن يؤدي تحويل الروايات إلى أعمال فنية لحل أزمة السيناريو الموجودة؟
أتمنى أن يحدث هذا الفعل، وأن يُبرز الأدب المصري في أجمل صورة ممكنة أمام المتلقين.
هل ستكون لك روايات خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب المقبل؟
للأسف لا.. لأن الـ4 سنوات التي قضيتها عضواً بالبرلمان المصري كان لها أثرها على أعمالي الأدبية، وأحاول حالياً أن أتخلص من تلك الآثار، وسأعود بعدها لتقديم رواية جديدة.
الناقد المصري يوسف القعيد : الجوائز الأدبية الإماراتية تحفّز المبدعين العرب لتقديم نتاجات متميزة
جريدة البيان