المسبار العربي – بقلم د. حسن مدن

حسن مدن

«مسبار الأمل» الذي تطلقه دولة الإمارات، هو مسبار عربي بمقدار ما هو إماراتي؛ كون الإمارات، بإطلاقه، تسجل ريادة أخرى بين شقيقاتها العربيات في برامج الفضاء الخارجي، بعد نحو سبع سنوات من طرحها للفكرة، وتحضيرها لها.
وليس بعيداً عن هذا الفكرة يأتي قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إن اختيار مسمى «مسبار الأمل»، من بين آلاف التسميات المقترحة، هدفه «إرسال رسالة تفاؤل لملايين الشباب العرب». وتشكل الإمارات باعتمادها على القدرات والطاقات الشابة من أبنائها وبناتها قدوة جديرة بالاحتذاء.
والريادة الإماراتية في هذا المجال لا تقاس ببعدها العربي وحده على أهميته وإنما لها وزنها الدولي أيضاً، حيث يعتد بنجاحاتها في الفضاء، جنباً إلى جنب مع كبريات الدول كالولايات المتحدة والصين وروسيا والهند ودول كبرى أخرى، ذات تقاليد وخبرة في هذا المجال.
يقف خلف النجاح النوعي الذي تحققه الإمارات عبر إطلاق «مسبار الأمل» إلى مدار المريخ، سجل من النجاحات حققها قطاع الفضاء في الدولة منذ عام 2006، عندما بدأت وكالة الفضاء الوطنية بإدارة مركز محمد بن راشد للفضاء برنامجاً لتبادل الخبرات والمعرفة مع كوريا الجنوبية، أثمر إنتاج مجموعة من الأقمار الصناعية لرصد الأرض، وفي عام 2018 أطلق أول قمر صناعي للاستشعار عن بُعد تم صنعه وتصميمه في الإمارات بشكل كامل.
يطلق «مسبار الأمل» للفضاء من مركز تانجيشيما الفضائي في اليابان، والذي استخدم عام 2018 لإطلاق «خليفة سات». ومن المتوقع أن يصل المسبار إلى مداره في الكوكب في فبراير/شباط 2021، ليسهم في تزويد المجتمع العلمي العالمي ببيانات جديدة، حيث صمم بطريقة تتيح للعلماء القيام باستكشاف «نهاري» أو الدورة اليومية لكوكب المريخ، وهذا ما لم يتم تحقيقه من قبل.
يقول العلماء إن رحلة المسبار ستقدّم أول صورة كاملة للغلاف الجوي للمريخ، لفهم التحولات المناخية للكوكب وخريطة الطقس العالمية لكوكب الأرض، وتقديم مجتمع علوم عالمي برؤى جديدة مفيدة حول كوكب المريخ.
وفي هذا تحاول الإمارات توسيع قطاع العلوم والتكنولوجيا لتحويل الدولة إلى اقتصاد قائم على المعرفة؛ اقتصاد الغد، انطلاقاً من نجاحاتها السابقة وحققته أقمارها من رصد الكرة الأرضية، وعين الإمارات موجهة نحو المستقبل، فخططها الفضائية طموحة، حيث تخطط لإقامة أول مستوطنة بشرية صالحة للسكن على سطح الكوكب الأحمر بحلول عام 2117.
والإمارات بهذه النجاحات والطموحات لا تنتظر المستقبل، وإنما تذهب إليه.

جريدة الخليج