في يوم الكاتب الإماراتي (26مايو من كل عام)، نقرأ، ولو سريعاً، خريطة الكتابة في الإمارات شعراً، وقصة قصيرة، ورواية، ونقداً أدبياً. وعند هذا النوع الأخير من الكتابة نتوقف، فالنقد الأدبي، وبكل صراحة وشفافية أدبية، بأقلام إماراتية، غير موجود، وكم هي صعبة عبارة «غير موجود»، ولكن هذا هو واقع الحال، بلا تزييف، وبلا مجاملة.
صحيح هناك قراءات أدبية مجتهدة لعدد قليل من النقّاد والناقدات في المشهد الثقافي الإماراتي، ولكنها محدودة، ولا تخرج عن كونها محاولات اجتهادية، لا تؤخذ على أنها حالة نقدية أو ظاهرة نقدية توازي حجم الإنتاج الأدبي الشعري والقصصي والروائي في الإمارات.
على سبيل المثال لا الحصر، أين الناقد الأدبي الإماراتي المُعاين نظرياً وتطبيقياً لتجربة روائية غزيرة للكاتب الإماراتي المتميز على مستوى عربي علي أبو الريش؟ صنع علي أبو الريش خزانة روائية إماراتية الوجه واليد واللسان من خلال عشرات الروايات والقصص منذ مطلع ثمانينات القرن العشرين، وحتى اليوم، وبلا توقف أو تعب، ليقف بذلك إلى جانب الروائيين العرب الكبار في العقود الماضية.
النتاج الأدبي الإماراتي، منذ نهايات السبعينات، وحتى اليوم، مرّ في دورات إبداعية متصلة ومتكاملة من دون أي فراغات زمنية، وهو أمر طبيعي وموضوعي بالنظر إلى التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شهدها المجتمع الإماراتي منذ قيام الدولة.
الأدب الإماراتي مواكب لهذه التحولات إبداعياً وثقافياً، سواء على مستوى الشعر أوالرواية أوالقصة، وفي مقابل ذلك، لا يوجد نقد أدبي مواكب لهذا النتاج الإبداعي.
الأدب الإماراتي في حاجة إلى نقاد أدب إماراتيين يعرفون جيداً روح الكتابة المحلية، ويعرفون أيضاً روح المكان الإماراتي وأعماقه التراثية والشعبية والجمالية.
هذا الكلام لا ينبغي أبداً أن يقلل من أهمية الكتابات النقدية العربية التي قرأت الشعر والقصة والرواية في الإمارات: د. صالح هويدي، عياش يحياوي، عزّت عمر، وفي التسعينات تناول رمضان محمد بسطاويسي ، ومحمد جمال باروت بعض النصوص الشعرية والقصصية ولكنها مرحلة قديمة، ظهر بعدها أدب قصصي وشعري إماراتي يستحق من حيث الكمّ والنوع أن يُقرأجيداً وصولاً إلى ظواهره الفنية، وأسئلته الإبداعية والفكرية . تجدر الإشارة إلى الاعتذار سلفاً عن نسيان أي قلم عربي أسهم في نقد الكتابة الإماراتية إن سلباً أو إيجاباً .
في يوم الكاتب الإمارتي والكاتبة الإماراتية نذكّر أيضاً بالراحلين الذين وضعوا بصماتهم الأدبية في خريطة الكتابة الإماراتية، وما زالت هذه البصمات ماثلة إلى اليوم في النص الإبداعي المحلي، في الشعر والرواية والقصة والخاطرة والمقالة، والنثر، لا بل كان بعض أولئك الراحلين الأحياء برمزياتهم بيننا الآن يكتبون النقد، ويشاركون، بغزارة، في بناء الكتابة الإماراتية بكل تجلياتها وإشراقاتها المبدعة الجميلة، والتي نستعيدها اليوم بكل محبة واحترام.
جريدة الخليج