«الشارقة للكتاب»بستان المعرفة -بقلم باسمة يونس

باسمة يونس

أما كيف تمكن المعرض من الاحتفاظ بمنجزه فذلك من خلال ما تتنافس أجنحة العارضين بإصداره، وما تستعرضه المؤسسات الثقافية من ندوات فكرية تتضمن آراء خبراء القطاع الثقافي ومناقشات تدور حول أهم قضاياه ومستجداته.
وبهذا باتت المحصلة النهائية للمعرض تقريراً شاملاً ليس الغرض منه إحصاء الأنشطة والفعاليات، بل استشراف مستقبل الثقافة بناء على منجزات الأعوام الماضية وآلية ردم الفجوات التي استكشفتها المؤتمرات والندوات المطروحة في جلساته.

ويطل معرض الشارقة الدولي للكتاب في كل دورة من دوراته على نافذة استكشاف المواهب الجديدة والإبداعات الشابة لتعكس واقع الحالة الثقافية للعالم، بعيداً عما تقدمه وسائل التواصل والتقنيات الجديدة من استعراضات وشذرات لنوعية معينة من المواهب، قد تخدم قطاعات إبداعية مختلفة لكنها لا تلبي احتياجاتنا من الإلهام الفكري الذي يتقن المعرض استحضاره والترويج له.
وما من شك في أن المنجز الثقافي للشارقة هو المنجز الذي ننتظره جميعاًَ من معرضها الحافل والشامل والذي تتكامل فيه ظروف البيئة الثقافية المتوقعة والتي نتمنى أن ننسج منها عقول أجيالنا الشابة وحمايتهم من أوهام الفكر الرديء.
وتستمد كافة المؤسسات الثقافية من المعرض الأنشطة التي تتلاءم مع احتياجاتها خلال العام، وبات العالم بشكل عام يبحث فيها عما يمكنه الاستفادة منه لدعم احتياجاتهم الثقافية من إصدارات وقضايا وندوات تسهم في توليد المناسبات، وخلق الاحتفاليات الثقافية المهمة التي من شأنها تنمية المجتمعات وتغذيتها فكرياً وثقافياً.
وعلى الرغم مما يعتقده البعض من أن النخبة المثقفة هي التي تقف أمام أبواب معرض الكتاب بانتظار افتتاحه، فالحقيقة الملموسة والواقع الذي يشهد عليه الجميع، هو ذلك الحضور اللافت لجمهور عريض بمختلف أطيافه وشرائحه وفئاته، والتزام يومي بزيارة هذه الفعالية المهمة التي تبعث بحضورها الراحة في نفوس الجميع، وتطمئنهم إلى أن العالم لا يزال بخير ولم ينسق بأكمله خلف التراجع الفكري والثقافي والانحدار في القيم، بل لا يزال هناك من يحتفظ لهذه القيم بمكانتها العظيمة ويصر على دعم التطور العلمي والفكري والثقافي لأنه الأبقى والأصلح للجميع.
ومن اللافت أن المعرض لم يتوقف يوماً عن تطوير فعالياته ولم يتردد في تقديم الجديد والمبتكر ويحتفظ لنفسه بمكانة الصدارة في عالم الثقافة والأدب، ليس فقط لتاريخه الحافل وحضوره الثري، بل لأنه تمكن في مختلف الظروف والمناسبات من البقاء على جدول الفعاليات الثقافية في العالم وأن يظل منافساً بما يقدمه من جديد، ليس فقط في الإصدارات، بل وفي نوعية الحضور والمشاركات النوعية ومحتوى القضايا التي يطرحها للنقاش والجوائز التي تثري المكتبات وتبشر المستقبل بزاد ثقافي وخير قادم لا تتوقف عنه غيمة الدعم ولا تهمله.
وهكذا احتفظ المعرض بمكانته اللائقة، وأصبح ملهماً للمثقفين في العالم، ومسرحاً لتقديم المعنى الأفضل للحياة والمدينة الأجمل للحوار والمنتدى الأكبر لمناقشات يحتاج الجميع للجلوس والاستماع لها، لتطهير أسماعهم وأفكارهم من رداءة ما تعج به وسائل التواصل الاجتماعي المستجدة والاطمئنان لمستقبل لن يتراجع بل سيمضي قدماً ما دامت الثقافة جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية تقدمه، وما دامت الشارقة تغذيه بمعرض لم يتوقف يوماً عن الابتكار ولن يتردد يوماً في تجربة الجديد.

«الشارقة للكتاب»بستان المعرفة -بقلم باسمة يونس –  جريدة الخليج

 العويس الثقافية ، اصدارات العويس