ازرع نخلة، أو سدرة، أو شجرة مثمرة وحدها سوف تحمل الجميل لك، ولليد التي غرست، الأمثلة كثيرة على أن اليد التي تزرع الأخضر، أينما ذهبت وحلت في دار أو بلد أو مسكن كانت الباقية في ذاكرة الناس، عمّر الأرض بالزراعة والحقول والبساتين لتمتد الحياة إلى الأبناء والأحفاد والأحباب والناس في بلدك وأرضك، أي غصن يغرس، أي بذرة تغرس هي الخير وطريق العطاء الذي لا ينبض.
كلنا أدرك أهمية فكرة زراعة الأراضي الشاسعة في الإمارات، والتي كانت تولد الشك عند الآخرين من خارج هذا البلد، ولكن رائد الحلم الجميل وراعي فكرة ألا مستحيل على هزيمة هذه الفكرة المعطلة إلا بإيجاد البدائل في مسألة الري والزراعة في بلد له ساحل طويل مع بحر الخليج العربي وإمكانية أن يستغل في توفير المياه الكافية بل والزائدة..
تلك الفكرة والحلم الأخضر الذي حمله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» حوّل أراضي شاسعة إلى غابات نخيل وبساتين زراعية تمتد على طول أرض الإمارات، بلد تحولت فكرة الاستثمار في الزراعة إلى مشروع مستقبلي للإمارات، وبعد مضي أعوام ليست بالطويلة تبدلت الصورة والاعتقادات أيضاً، وأصبح من المؤكد أن الصحاري يمكن أن تتحول إلى المساحات الخضراء والمثمرة والمنتجة، بل والمصدرة لبعض المنتوجات الزراعية.
هكذا تنبت الأحلام الخضراء المحبة للحياة والحالمة بأن تتجاوز الظروف والبيئة والطبيعة. كم نحن سعداء عندما نقطع المسافات البعيدة والطرق الطويلة والأغصان الخضراء تحيط بك على كل جانب، أقطع الطريق من المنطقة الغربية إلى أبوظبي وامتداد أخضر أيضاً إلى دبي، هذا الطريق الطويل كان يوماً أرضاً جرداء بين سباخ مالحة وأراض رملية لا ينبت فيها غير أشجار «الهرم» و«السيداف» و«الثمام والسبط»، الآن تقطع طريقك على هذا الطريق الطويل وتحف بك الأشجار والأغصان الخضراء، إنها فكرة ورؤية من يحب الأخضر، وينشد الجمال والبهجة، يغرس الحب والأمل في أي موقع تطأه قدمه.
من الحكايات القوية والدالة على حب الشجرة والأخضر والجمال الذي يجب أن يزرع في القلوب والدروب وفي كل مكان يمكن أن ينبت فيه عود أخضر، حكاية الشجرة التي أمر المغفور له الشيخ زايد بأن لا تقطع شجرة معمرة كبيرة أبداً، وكاد مشروع الطرق أن يقتلعها لوقوعها في مساره وامتداده، حيث أمر بأن يلتف الشارع، وتبقى الشجرة في مكانها الذي نبتت به، الشجرة باقية خضراء تزرع الفرح والسعادة والأمل، أما طريق الأسفلت فإنه وحده يجب أن يحيد عن الغصن الأخضر، كان ذلك مثالاً قوياً على أن أمل الناس والبلد في اخضرار أرضها وزراعتها وبساتينها.
ازرع الأخضر دائماً، فإنه عنوان الحياة والأحلام الجميلة.
جريدة الاتحاد