إن التوجهات المستقبلية في صناعة الإعلام تشير إلى تغيرات كبرى ستطال مجالات الأخبار والترفيه وأشكال المهن داخل الصناعة، في حين يستمر استحواذ الإعلام الرقمي على الصناعة، بحيث ارتفعت نسبة الاستهلاك في عدد من دول العالم للقنوات الإعلامية المختلفة من المنازل خلال عام 2020 إلى 64%، ونسبة مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الشبكة إلى 54%، أما نسبة التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي فوصلت إلى 56%، وذلك حسب تقرير «كانتار للتوجهات الإعلامية المستقبلية» لعام 2020، والذي يحدّد ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بالوسائط الإعلامية التي تتحكم بتوجه التغيير وتفرضه وهي: الأداء الإعلامي المرتبط بطرق القياس والتأثير، ومحور الأشخاص والذي يرتبط بالجمهور واستهلاكهم للبيانات، وتأثير ذلك على سوق الإعلانات والترفيه.
اعتمد مجلس الوزراء بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الإطار العام للاستراتيجية الإعلامية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعزز أدوار الاتصال الحكومي في الجهات الاتحادية، وترسخ مفهوم الشراكة والتعاون بين القطاعات المختلفة، وتسهم في بناء الشراكات الإعلامية العالمية وتدير سمعة الدولة وإنجازاتها على الصعيدين المحلي والدولي، بالإضافة إلى إيجاد بيئة إعلامية رقمية متطورة ومستدامة، وهي انطلاقة قوية وطموحة بروح مئوية الإمارات 2071.
هذا التغيير الجذري في الرؤية الإعلامية للمؤسسات المختلفة هو الأمر الذي كنا حتى اللحظة نراوح فيه – نقدم قدماً ونؤخر الثانية – لأسباب كثيرة مثل قلة المرونة والثقة والخبرة والنظرة الاستشرافية لما يمكن أن تكون عليه الآلة الإعلامية في المستقبل القريب، وأثر هذه التحولات على أداء المؤسسات الاقتصادي، الأمر الذي لا نشير فيه إلى المؤسسات الإعلامية والصحفية المتخصصة وحدها، وإنما حتى إدارات الاتصال والتسويق في المؤسسات العامة والخدمية بالدولة، وذلك لا يمكن أن يستمر بعد الآن إذا ما أردنا أن نحقق أهداف استراتيجيتنا الإعلامية الوطنية، كما أنه لا يمكن أن يقتصر على الأداء الإعلامي الظاهر وحسب، بل يمتد إلى الأطر الأخلاقية والتنظيمية للصناعة، الأدوات والوسائط المستخدمة، الميزانيات المرصودة، تأهيل القيادات والكوادر البشرية، استحداث الوظائف الجديدة المعنية بالتخصصات الإعلامية التي لا غنى عنها، ودراسة الجمهور دراسة وافية ومتكاملة.
وهناك نقطة أخيرة تمثل تحدياً كبيراً للمؤسسات عموماً تتمثل في غياب العنصر البشري المتخصص في المجالات الدقيقة، ما يدفعها إلى تقليص الميزانيات، عدم تفعيل أقسام الاتصال أو النظر إلى البديل غير المحلي، وهي خطوة مكلفة مادياً ومعنوياً إذا ما نظرنا إلى اختلاف السياقات التي تنطلق منها هذه المؤسسات عن السياق المحلي والخليجي، مما يؤثر بشكل كبير على سمعة المؤسسة وفرصها للتطور وبناء الشراكات المستقبلية.
جريدة الخليج