أثبت الاتحاد الأوروبي عجزاً حقيقياً وكبيراً في مجابهة وباء فيروس كورونا، ولم يبلور أي استراتيجية حقيقية لعمل جماعي في مجابهة وباء تحول إلى جائحة، وأول وباء يسحق البشرية في عصرنا، ويبيِّن ضعفها القوي حيث لا قوة ولا سطلة، ولا أسلحة نووية قادرة على الحد منه أو محاربته وإضعافه.
لقد أُغلقت الحدود، وأصبح كل بلد يدير شؤونه كما يراه، فرنسا أغلقت حدودها مع إيطاليا، وإيطاليا مع سويسرا، وبلجيكا مع جيرانها، وبدأت الحروب الأنانية تتضح بسرقة أطنان من الواقيات أو الكمامات وتحويلها إلى بلدانها بالخصوص ما قامت الولايات المتحدة.
حالة من الجنون أبانت بشكل واضح أن كل النظم التي خلقها الإنسان يمكنها أن تتحول في لحظة إلى فقاعة، فجأة تحول الاتحاد إلى هيكل مفرغ من أي معنى، وعربيّاً لم نكن أفضل، فقد ظهر أن الجائحة جُوبهت بلامبالاة كبيرة على المستوى الرسمي في كثير من الدول العربية، ونعرف أنه في ظل العلاقات الدولية المتداخلة اليوم، يصبح من المستحيل إخفاء الحقائق.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه كل الدول جائحة كورونا عدواً صامتاً وقاتلاً يجب أن يجابه بكل الأسلحة المتوفرة، حيث استعمل الرئيس الفرنسي كلمة حرب، وهو وصف حقيقي، نجد جامعة الدول العربية لا تفكر مطلقاً في لمّ شمل الدول الممزقة، والتفكير في تجنيد كل القوة التضامنيَّة، والطاقات المتوفرة، ذلك للوقوف ضد الوباء.
يُفترض أن يكون الفيروس فرصة لرأب الصدع والتفكير معاً في إيجاد حتى الدواء العلاجي، أو اتخاذ قرارات واضحة للخروج من الأزمة والاستفادة الفعلية من كل العبقريات العربية وتوحيد الجهود.. كم مخبر في العالم العربي بذل جهوده ليكون في الواجهة! صحيح نحن نتعلم من أعدائنا.
إن ما تخصصه إسرائيل لمراكز البحث العلمي يساوي الميزانيات العربية مجتمعة، ما يعني أنه علينا عربياً أن نعيد النظر في السياسات المتبعة حتى اليوم في مواجهة كورونا.
في الجزائر مثلاً، التي جاءتها كورونا من مغترب جزائري لم يكن يعرف أنه حامل للفيروس أصاب عائلته بالعدوى، هي بدورها أصابت ولاية البليدة بكاملها ليصبح عدد المصابين يومياً في شكل تصاعدي متسارع، تقف على رأسها ولاية وهران والعاصمة بأكثر الحالات يومياً.
والوضعية نفسها في السعودية، فقد أكدت وزارة الصحة السعودية في تقريرها اليومي رصد حوالي 2500 إصابة جديدة خلال الأيام الأخيرة، تقف الرياض على رأس الإصابات، وتليها مدينة جدة.
إن للاقتصاد قيمة بكل تأكيد، لكن حياة البشر أولى.. وما قيمة الاقتصاد عندما يُصاب المجتمع في غالبيته، وكم ستكون الكُلفة قاتلة مستقبلاً؟