من أروع ما قيل في الغزل والنسيب قصيدة ابن النبيه المصري. ياما غناها الأقدمون واللاحقون، بمن فيهم سيدة الطرب العربي المعاصر، أم كلثوم – رحمها الله – في مطلع نجوميتها. والقصيدة عامرة في بدائع بديعياتها اللفظية، من جناس وتوريات رقيقة، كما سأشير أدناه:
أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا
ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا؟
من لم يذق ظُلم الحبيب كظَلمِه
حلواً فقد جهل المحبة وادَّعى
الظُّلم في البيت الثاني بضم حرف الظاء معروفة، وهي ضد العدل والطيبة، أما الظَّلم بفتح حرف الظاء فهي ماء الأسنان ورونقها البراق. وهذا لعمري استعمال عجيب في وصف جمال الحسان بهذه الدقة. وقد ورد لذلك ذكر في بيت للشاعر كعب بن زهير حين قال:
تجلو عوارض ذي ظَلم إذا ابتسمت
كأنه منهلٌ بالراح معلول
ويمضي الشاعر ابن النبيه المصري في قصيدته الغزلية، فيقول:
يا أيها الوجهُ الجميلُ تدارك الصبر
الجميل فقد وهى وتضعضعَا
هل في فؤادك رحمة لمتيم
ضمت جوانحه فؤاداً موجعَا؟
هل من سبيل أن أبث صبابتي
أو أشتكي بلواي أو أتوجعَا؟
جريدة الشرق الأوسط