أظنُّها من الوطن
هذه السحابةُ المقبلةُ كعينين مسيحيتين،
أظنُّها من دمشق
هذه الطفلةُ المقرونةُ الحواجب
هذه العيونُ الأكثر صفاءً
من نيرانٍ زرقاءَ بين السفن.
أيها الحزن .. يا سيفيَ الطويل المجعَّد
الرصيفُ الحاملُ طفله الأشقر
يسأل عن وردةٍ أو أسير ،
عن سفينةٍ وغيمة من الوطن …
والكلمات الحرّة تكتسحني كالطاعون
لا امرأةَ لي ولا عقيده
لا مقهى ولا شتاء
ضمني بقوة يا لبنان
أحبُّكَ أكثر من التبغِ والحدائق
أكثر من جنديٍّ عاري الفخذين
يشعلُ لفافته بين الأنقاض
ان ملايين السنين الدمويه
تقف ذليلةً أمام الحانات
كجيوشٍ حزينةٍ تجلس القرفصاء
ثمانية شهور
وأنا ألمسُ تجاعيد الأرضِ والليل
أسمع رنينَ المركبة الذليله
والثلجَ يتراكمُ على معطفي وحواجبي
فالترابُ حزين ، والألمُ يومضُ كالنسر
لا نجومَ فوق التلال
التثاؤب هو مركبتي المطهمةُ ، وترسي الصغيره
والأحلام ، كنيستي وشارعي
بها استلقي على الملكاتِ والجواري
وأسيرُ حزيناً في أواخر الليل
محمد الماغوط / شاعر سوري
(1934 ـ 2006)