ماذا لو قام كل بائع بتدوين ما يقوله زبائن المتجر الذي يعمل فيه كل يوم ونشره في كتاب؟
لا شك في أنه سيخرج بحصيلة من الأقوال بعضها طريف، وبعضها غريب، وبعضها محرج، وبعضها من ذلك النوع الذي يجب أن يتحلى البائع معه بصبر أيوب كي لا يدفع بالزبون خارج المتجر ليضعه في أول سيارة أجرة يجدها أمامه، ويطلب من السائق أن يوصله إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية، حتى لا يعود مرة إلى متجره.
جين كامبل فعلت ذلك. لم تقم بإرسال زبون إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية بالطبع، ولكنها قامت بتدوين الأشياء الغريبة التي كان يقولها زبائن متجر الكتب الذي كانت تعمل به، وأضافت إليها عدداً من الأشياء التي قالها زبائن متاجر كتب أخرى في المملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا وإيرلندا، ونشرتها في كتاب ممتع أطلقت عليه «أشياء غريبة يقولها الزبائن في متاجر الكتب».
تقول جين كامبل في مقدمة الكتاب، الذي يجعلك لا تتوقف عن الضحك إذا ما بدأت قراءته: «عندما قام الممثل والكاتب البريطاني الشهير جون كليز بطرح سؤال على حسابه في «تويتر» (ما الأشياء التي تثير غضبك؟) كانت هذه أول لحظة خطر لي فيها أن أبدأ مدونة (أشياء غريبة يقولها الزبائن في متاجر الكتب) والتي استمرت بالنمو في ثلاث سنوات لتصبح مجموعة من الكتب التي تحتوي على أغرب المحادثات التي مرت عليّ في متاجر الكتب… إليكم هذا الكتاب البطولي لبائعة كتب وعاشقة كتب قد عانت كثيراً وضحكت كثيراً في تجربتها في المكتبة».
وتقول في الإهداء: «إلى كل الأبطال باعة الكتب حول العالم، مع الشكر للزبائن الأوفياء، والذين لم نكن لنبيع الكتب لولاهم، وإلى كل الأشخاص الذين اقتبست محادثاتهم في هذا الكتاب، الذين جعلوني أقف على أطراف أصابعي، جعلوني أبتسم، أضحك، وأصاب بالرعب.. شكراً لكم».
جين كامبل كاتبة قصة قصيرة وشاعرة بريطانية حصلت على عدة جوائز. عملت بائعة كتب مدة عشر سنوات، وهي تدير الآن قناة «يوتيوب» تتحدث عن الكتب. تقسم كامبل الكتاب إلى ثلاثة أجزاء تبعاً للمكتبات التي قال الزبائن فيها الأشياء الغريبة؛ قصص من متجر أدنبره، وقصص من متجر ريبنغ يارنز، وقصص من متاجر أخرى حول العالم.
من الأشياء الغريبة التي قالها الزبائن في متاجر الكتب كما أوردتها جين كامبل في كتابها:
«زبون: لقد قرأت كتاباً في الستينيات. لا أتذكر اسم الكاتب، أو العنوان، ولكنه كان أخضر اللون، وجعلني أضحك كثيراً. هل تعرفين الكتاب الذي أقصده؟»
«زبون: إنه من المحزن أن كتب الكبار لا تحتوي على صور. يعتاد الإنسان الصور الجميلة في الكتب عندما يكون طفلاً، ثم فجأة تختفي جميع الصور.
بائعة الكتب:… نعم، إنه عالَمٌ قاسٍ».
«زبون: ألا يزعجك أنك محاطة بالكتب طوال اليوم؟ لو كنت مكانك سأكون مرعوباً من فكرة وقوع الأرفف عليّ وموتي.
بائعة الكتب: …».
«زبون: هل لديكم نسخة من كتاب 1986؟
بائعة الكتب: 1986؟
زبون: نعم، رواية جورج أورويل؟
بائعة الكتب: أوه، تقصد 1984؟
زبون: لا أنا متأكد من أنه 1986، لطالما تذكرت هذا العام لأنه العام الذي وُلِدت فيه.
بائعة الكتب: …».
«أحد الزبائن يقرأ كتاباً في زاوية المتجر، يتوقف عن القراءة ويقوم بثني أعلى الصفحة التي وصل إليها، ثم يضع الكتاب مكانه على الرف.
بائعة الكتب: عذراً، ماذا تفعل؟
زبون: لقد كنت أقرأ الفصل الأول من هذا الكتاب، ولكني مضطر للذهاب إلى لقاء صديقي على الغداء. ولذلك فإنني أحاول ترك علامة كي أتمكن من العودة وإنهاء قراءة الكتاب في الغد».
«زبون: لدي بعض الوقت ريثما تصل الحافلة التي أنتظرها. هل يوجد أحد هنا يريد أن يلعب الورق معي؟»
هذه عينة من الأشياء التي يقولها الزبائن في متاجر الكتب، كما أوردتها جين كامبل في كتابها، الأمر الذي يطرح التفكير في مقولة «الزبون دائماً على حق» التي صاغها هاري غوردون سلفريدج، مؤسس متجر «سيلفريدجز» للبيع بالتجزئة المعروف في لندن.
ربما تكون إطلالة على بعض الأشياء الغريبة التي يقولها الزبائن، كما دونتها كامبل ونقلتها عن زملاء لها في متاجر الكتب، تجعلنا نعيد النظر في المقولة التي تبناها كثير من أصحاب المتاجر في أنحاء العالم.
جريدة البيان