عام 1957 وصل إلى دبي قادماً من الكويت ليتولى الإشراف على البعثة التعليمية بديلاً للأستاذ هاشم أبو عمارة، الذي طلب الإنجليز إبعاده لدوره ونشاطه القومي، فجاء زهدي الخطيب ليكون المربي والمعلم الذي تربى عليه جيل مهم من طلبة دبي، الذين تحمّلوا مسؤولية البناء والعطاء.
لقد حرص أبو سمير، الذي رحل عنا في هذه الأيام الصعبة التي منعتنا من وداعه الأخير، عليه رحمة الله، على أن يكون مشرفاً ومربياً وولي أمر، كان يتابع الطلاب خارج أسوار المدرسة ليلاً ونهاراً، ومن يشك في سلوكه يستدعيه في طابور الصباح ليعاقبه أمام الطلاب.
توطدت علاقته مع جميع أولياء أمور الطلاب وكسب احترامهم وثقتهم، وبعد أن استلمت الدولة إدارة التعليم بعد قيام الدولة عمل ضمن كادر وزارة التربية والتعليم فترة من الزمن، ثم كلّف بالعمل في المندوبية الدائمة للدولة لدى منظمة التربية والعلوم والثقافة اليونسكو في باريس، بعد ذلك نقل إلى سفارة الدولة بالمملكة الأردنية الهاشمية ملحقاً ثقافياً، فعاد إلى البحر الذي يحب العوم فيه وقدم خدماته للطلاب الذين درسوا هناك.
وفي يوم من الأيام زرته في منزله على غير موعد، فغضب مني، وقال من واجبي أن أقيم لك العشاء المناسب، كما تحدثت معك، قلت له لا أريد أن أكلف عليك. فردّ قائلاً: هذا كله من خيركم في الإمارات. كان يقضي عامه بين الأردن والإمارات حسب تقلبات الجو.
قبل أشهر توفّي ابنه الأكبر سمير، فذهبت برفقة الأخ الدكتور سعيد حارب لتقديم العزاء، ووصلنا وهو يهم بركوب السيارة مغادراً مكان العزاء، وعلمت يومها أنه استقر بدبي مع أولاده المقيمين هم وأسرهم وأقرباؤهم بالإمارات، وكأن الله قدّر أن يكون رحيله في المكان الذي أحبّه هو، وأحبه أهله وتلاميذه فيه، ولكن دون أن يتمكنوا من وداعه.
جريدة البيان