«نوبل العربية» – بقلم بلال البدور

بلال البدور

قبل أيام أرسل أحد الأصدقاء رسالة نصية على إحدى المجموعات ذكر فيها أسماء أربعين عالماً من علماء المسلمين من الأصول العربية والذين أسهموا في الحضارة الإنسانية وكأنه يرد بذلك على من قال:إن العلماء المسلمين كلهم من أصول غير عربية.

هنا لا أريد مناقشة هذ القضية الشعوبية فقد حسمت منذ أمد بأن من تحدث العربية فهو عربي، فإنما العربية اللسان وأولئك العلماء لما دخلوا الإسلام واندمجوا في الأمة العربية كتبوا وألفوا بلسان أمتهم وليس بلسان أمهم.

المهم أن أحد الإخوة طرح سؤالاً يطلب من الذي أرسل القائمة أن يسرد العلماء المسلمين من الأصول العربية في الوقت الحاضر ودورهم في النهضة الحديثة، والحقيقة أنهم موجودون لكنهم يعملون في غير بيئاتهم العربية وبعضهم من حمل الجنسيات الأجنبية ونسب إليها لعدم وجود المناخ الذي يناسب للعمل والإبداع.

يقودني ذلك إلى لقاء جمعني بطبيب عربي يحمل الجنسية البريطانية وكان معنا شخص ليبي انتقد ذلك الطبيب بشدة قائلاً: أنتم تنكرون جميل بلدانكم العربية تربيكم وتعلمكم فإذا برزتم ذهبتم إلى الغرب وأخذتم جنسيات غير عربية.

فرد عليه بقصته قائلاً جئت لبريطانيا لدراسة الطب وبعد البكالوريوس أخذت الماجستير، وقبل أن أعود لبلدي ذهبت لتجديد إقامتي حتى أرجع لنيل الدكتوراه وفي مكتب الجوازات التقيت أحد الأشخاص ودار بيني وبينه حديث فسألني بعد هذه المدة التي قضيتها لماذا لم أتقدم للحصول على الجنسية أقنعني فقمت بسحب استمارة طلب الجنسية بدلاً من استمارة تجديد الإقامة وأودعتها، وبعد أسبوع جاءتني الموافقة على منحي الجنسية.

وسأل لو تقدمت بطلب تأشيرة دخول بجوازي العربي لأي دولة عربية، هل سأحصل على الموافقة خلال أسبوع؟ وهب أنني حصلت على عمل بدولة عربية، هل تضمن لي عدم إنهاء عقدي لمزاجية مسؤول أو خلاف مع صاحب نفوذ.

وإذا لم يتم ذلك إلى أين سيذهب أولادي إذا بلغوا السن القانونية ولم أجد لهم عملاً أو كفيلاً، هنا عندي ضمان لي ولهم وعلى افتراض أن هذا لن يحدث فأين سأجد مراكز البحث العلمي التي أطور فيها نفسي.

قد يكون في ذلك شيء من الحقيقة، لكن المهم هل توجد لدينا المراكز البحثية التي تمكن العلماء من الإنجاز؟ وهل لدينا الجوائز العلمية التي تحفز العلماء على العطاء والبذل؟ وهذا ينطبق على معظم بلداننا العربية.

ولعل بارقة الأمل التي انطلقت من الإمارات لإنشاء مجالس العلماء، تكون الشمعة التي تنير الطريق، وتفتح الباب أمام العلماء وتتيح لهم الفرصة للإبداع والعودة إلى أحضان أمتهم العربية، ليسهموا في إعادة صياغة المنهاج الحقيقي، الذي يحقق الريادة وصنع الحضارة العربية من جديد والبناء النهضوي المنشود، وتكون لهم «نوبل عربية».

جريدة البيان