لو أُجْريَ استفتاءٌ بين جمهور الناس في كل مدينة وفي كل قرية، في مشارق الأرض ومغاربها عن المكان المناسب لإقامة إكسبو 2020، لكان الصوت المدوي والإجماعي والإشارة بالبنان إلى دبي، قلب دولة الإمارات النابض ورئة الخليج والبقعة التي تهفو إليها الأفئدة وتتطلع إليها بشوق «دبي» مدينة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ودرّة الإمارات وحاضنة التعددية البشرية والتنوعية الثقافية.
والجواب عن السؤال المعنون به هذا المقال: لماذا اختار العالم الإمارات لـ«إكسبو 2020»؟ يأتي بديهياً وبلسان واحد؛ إذا أنت في دبي فأنت في مدينة المدائن، أنت في بقعة يجتمع أجناس من البشر من كل لون وجنس ومن كل ملة ونحلة، في تناسق وانسجام، اللغة المشتركة بينهم هي اللغة التي تنفع وتخدم وتولي المتخاطبين العناية، لغة رنينها المَدَنِيَّة، ووترها التخاطب الحضاري.
ومن حسن حظ هذه المدينة أن هناك قائداً متميزاً يتولى أمرها، وهذا القائد المتميز هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد؛ فالشيخ محمد بن راشد، الشخصية الديناميكية الفذة، هو الذي أتاح لدبي الاستمتاع بهذه السمعة الحسنة، سمعة التعامل الحضاري التي هي سمة عرف بها الإنسان الإماراتي في العلاقة بينه وبين الآخر.
وحينما أعلن عن فوز دبي باستضافة هذا الحدث يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2013، كانت الفرحة غامرة لكل الوجوه، وفي كل مكان، ليس في الإمارات وحدها؛ بل في كل الجهات، وكنت تجد المسرة تعلو أسارير الوجوه تلتقطها الكاميرات وآلات التصوير في أنحاء مختلفة على وجه البسيطة.
وفي دبي، يشاهد المرء فعاليات وأحداثاً متنوعة في كل يوم وفي كل أسبوع، ولو أحصينا هذه الفعاليات الاقتصادية والتجارية والثقافية لوجدناها تضارع ما يقع في أكبر عواصم العالم وأوسعها عُمراناً، ولذلك فإن الفعاليات المرتقبة لإكسبو 2020، وإن كانت ذات قيمة مضافة عالية، لكنها من الفعاليات التي لا يستغرب وجودها في دبي من يعرف هذه المدينة وما فيها من كل جديد وفي كل يوم.
والحقيقة أن القيمة المضافة هي أن «إكسبو» التي تعمل منذ ما يقارب 170 عاماً، هي من الفعاليات والأحداث ذات الصبغة العالمية التي يتم اختيار موقعها في بقعة تتوافر فيها كل المقومات من بنى تحتية وفوقية متميزة، بالإضافة إلى اشتراط وجودها في تجمع حضري يشتهر بالسلوك المدني واحترام حقوق الإنسان، لأن الذي يشترك في فعالياتها جماعات عالمية السمة والسمعة وتجلب لمكان إقامتها منافع اقتصادية واجتماعية وثقافية جمة، وما اختيار الإمارات ومدينة دبي بالذات إلاَّ تأكيد على أن هذا البلد هو المكان اللائق لمثل هذا الحدث المهم، وأن الإمارات رقم جديد في الاقتصاد العالمي، ورقم راسخ كرسوخ برج خليفة، كما يقول الشيخ محمد بن راشد في كتابه «ومضات من فكر».
ومن نافلة القول؛ أن نشير إلى أنه في الأعوام الثمانية الماضية ونحن في انتظار هذا الحدث، حدث «إكسبو 2020»، والإعداد له، كان الهدف ألّا تكون البنى التحتية وحدها هي هدف الإعداد، فهذه البنى التحتية قد وضعت لها القواعد المتينة من العُمران، للانطلاق نحو الاستكمال، وكلنا ثقة بأن المجتمع الإماراتي والشباب الإماراتيين مستعدون، تربوياً وخلقياً وحضارياً، لإعطاء الصورة المشرفة للإنسان المضياف ذي السلوك المتمدين، الذي تعود الناس أن يروه في الإنسان بالإمارات.
جريدة البيان